الأمر مختص بالطلب الوجوبي ، وليس أعم من الطلب الوجوبي والاستحبابي ، إذ لو كان أعم لما وقع على إطلاقه موضوعا لوجوب التحذّر ، والحال أنه قد وقع كذلك.
والتحقيق أنه لا يمكن التعويل على مثل هذا التقريب في مقام الاستدلال بهذه الآية وما شابهها من روايات ، وذلك : لأنه هنا يوجد موضوع وحكم ، فالموضوع هو عنوان الأمر ، والحكم هو التحذّر ، ونعلم من الخارج أن الاستحباب لا حذر فيه ولا محذور في مخالفته ، فالاستحباب قطعا خارج عن موضوع هذه القضية بهذا الدليل الخارج ، إلّا أن الأمر يدور بين أن يكون خروج الاستحباب عن موضوع هذه القضية خروجا تخصيصيا ، أو خروجا تخصصيا ، فإن كانت كلمة الأمر مختصة بالطلب الوجوبي كما هو المدّعى ، إذن فالاستحباب خارج تخصصا ، بمعنى أنه ليس أمرا أصلا ، وإن كانت كلمة الأمر ، دالة على الجامع ما بين الطلب الوجوبي والاستحبابي ، إذن فالاستحباب خارج تخصيصا لا تخصصا ، بمعنى أنه أمر ، لكن لا حذر فيه.
إذن فالأمر يدور بين أن يكون خروج الاستحباب عن موضوع الآية الكريمة خروجا تخصيصيا أو خروجا تخصّصيا ، والمستدل بالآية على أن الأمر يختص بالوجوب ، مراده إثبات أن الاستحباب خارج خروجا تخصّصيا عن موضوع الآية ، لا أنه خارج تخصيصا ، فلا بد للمستدل بالآية أن يعيّن الاحتمال الأول مقابل الاحتمال الثاني.
وحينئذ ففي مسألة دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص ، التي هي مسألة معنونة في بحث العام والخاص ، وهو في أنه إذا علم بخروج فرد من العام ودار الأمر بين أن يكون خروجه تخصيصا أو تخصّصا ، ففي تلك المسألة ، إن قيل بأن أصالة عدم التخصيص لا تجري ولا يثبت بأصالة عدم التخصيص ، التخصص لأن أصالة عدم التخصيص إنما تجري فيما إذا احتمل شمول حكم العام للفرد ، وأمّا إذا علم بأن الفرد ليس مشمولا لحكم العام ، ودار الأمر بين أن يكون عدم شموله من باب التخصيص أو من باب