المقدّس لا محالة فإنه ملتفت إلى هذه النكتة.
ونفس الشيء نقوله في البرهان الثالث والرابع ، فإنه في البرهان الثالث برهن على أن الأمر المتعلق بقصد القربة تستحيل محركيّته وتحريكه ، وحينئذ فكل مولى التفت إلى نكتة هذا البرهان ، إذن يستحيل في حقه جعل هذا الأمر على ذات الفعل بقصد القربة ، بداعي التحريك.
أمّا المولى العرفي الذي لم يلتفت إلى هذه النكتة يخيّل له بسذاجته العرفية أن الأمر الضمني المتعلق بقصد القربة ، حاله حال الأمر الضمني المتعلّق بالسجود والركوع فكما أن هذه الأوامر الضمنية تكون محركة يخيّل له أن هذا الأمر هو محرّك أيضا ، فمثل هذا المولى يعقل بشأنه أن يأمر بداعي التحريك وإن كان لا يتحقق تحريك.
إذن فهذه البراهين كلها تنتج أن التقيد بقصد الأمر ثبوتا مستحيل في حق الملتفت إلى هذه النكات ، إذن فهي استحالة مقيّدة ، لا استحالة مطلقة.
من هنا ، فإن الإنسان العرفي حيث أنه بعرفيّته وسذاجته لا يتوصل إلى هذه النكات ، فهو بطبعه إذا أراد أن يأمر تعبديا سوف يأمر أمرا يأخذ قصد القربة قيدا في متعلقه دون أن يلتفت إلى هذه المحاذير. وعدم التفاته هذا كاف في تعقّل صدور التقييد الثبوتي منه.
نعم الإنسان الأصولي الملتفت إلى هذه النكات ، أو الشارع المقدّس الذي لا تخفى عليه خافية لا يعقل في شأنه أخذ قصد القربة قيدا في متعلق الأمر ، من هنا قلنا أنها استحالة مقيّدة لا مطلقة.
إذن فأخذ قصد القربة قيدا في متعلق الأمر ، أمر معقول ثبوتا من الإنسان العرفي الساذج ، ولكنه أمر غير معقول ثبوتا من الشارع المقدّس ، أو الأصولي الدقيق.
هذا هو التصعيد ، وهو غير الكلام الذي انتهينا إليه أخيرا قبل هذا التصعيد ، وكلا الكلامين حق ، إذ أن الكلام الأول كان مفاده ، أن أخذ قصد