لا يمكن تقييدها بإحدى الحالتين ، كذلك لا يمكن إطلاقها ، فكما لا يعقل أن نقول «لا تشرب الخمر إن كان خمرا» كذلك لا يعقل أن نقول «لا تشرب الخمر سواء كان خمرا أو لم يكن خمرا».
ج ـ الملاك الثالث لاستحالة التقييد هو ، أن يكون التقييد مستحيلا باعتبار نتيجته ، أي إذا كانت نتيجة التقييد هي قصر الحكم على المقيّد وحبس الحكم عليه ، وهذا مستحيل ، فيكون ملاك استحالة التقييد هو نتيجة التقييد ، من قبيل أن يقال مثلا ، إن الخطاب بالفروع لا يمكن أن يقيّد بخصوص الكفّار ، فيكون خطاب «صلّ أو ذكّ» مخصوصا بخصوص الكفّار ، وذلك لأنه لو كان مقيّدا بالكفّار لنتج من ذلك قصر الحكم على الكافر ، ويصير خطاب «صلّ» متوجها حينئذ نحو الكافر ، وهذا ينتج لغوية الخطاب ، لأن الكافر بكفر بأصل المطلب ، فكيف يقال له «صلّ» إذ به ، يصبح الخطاب مستهجنا عرفا.
ولكن إذا كان هذا هو ملاك استحالة التقييد ، فمثله لا يصح ملاكا لذلك ، وذلك لأن ملاك استحالة التقييد هو نتيجة التقييد ، وهي قصر الحكم والخطاب على الكافر ، ومن المعلوم أن نتيجة التقييد غير محفوظة في ضمن الإطلاق ، فلو قال المولى «أيّها الناس صلّوا» ، من دون تقييد بالكافر (١) أو غيره فلا يكون الخطاب مستهجنا حينئذ ، بل يكون معقولا ويشمل المسلمين وغيرهم.
إذن فنكتة هذا الملاك وهي نتيجة التقييد وحبس الحكم على المقيّد غير موجودة في الإطلاق ، وعليه فيخرج هذا الملاك عن كونه ملاكا للاستحالة.
__________________
(١) هذا الكلام محل إشكال ثبوتا ولا أقل من كونه محل إشكال إثباتا وبه يستكشف الاستشكال ثبوتا بأصالة التطابق بين عالم الإثبات والثبوت إذ حتى لو كان الخطاب للكافرين فإنه لا يلغو ، كونه لسان بيان عرفي لفئة منهم يصح مخاطبتها بطلب الصلاة منها إثباتا وثبوتا. وعليه فيبقى هذا ضمن ملاكات الاستحالة ـ المقرّر وإلا لاستحال كثير من ألسنة الإطلاق.