فهذه الكبرى غير الكبرى السابقة ، القائلة بتقديم كل خصوصية وجودية على الخصوصية العدمية.
وبهذا لا تجري هذه النكتة وهذه الكبرى في المثال الذي نقضنا فيه الكبرى السابقة. وهو فيما إذا علمنا بأن العالم قد قيّد ثبوتا ، إمّا بخصوصية العدالة ، أو بخصوصية عدم الفسق ، فهنا لا يمكن أن نثبت بأنه قد قيّد بخصوصية عدم الفسق ، لأن مقام الإثبات لا يشبه كلا الأمرين ، فإنّ أخذ خصوصية العدالة ثبوتا يناسبه أخذ كلمة العدالة إثباتا ، وأخذ خصوصية عدم الفسق ثبوتا ، يناسبه أخذ كلمة عدم الفسق إثباتا ، والمفروض أنّ المولى لم يأخذ إثباتا ، لا هذا ولا ذاك ، إذن ففي هذا المثال ، أصالة التطابق بين مقام الإثبات والثبوت لا تنفع شيئا في تعيين الخصوصية الوجودية في مقابل الخصوصية العدمية.
وهذا هو فرق هذه الكبرى عن تلك الكبرى ، وهذا هو شاهد صحة وعرفيّة هذه الكبرى ، بخلاف تلك الكبرى ، إذ في مثل هذا المثال ، لا إشكال في أن العرف لا يعيّن أحد التقييدين في مقابل التقييد الآخر ، وهذا يكشف عن أن النكتة الكبروية في نظره ليس مجرد كون إحدى الخصوصيتين وجودية والأخرى عدمية ، بل مسألة التطابق والتسانخ بين مقام الإثبات ومقام الثبوت.
فكل الخصوصيات التي تعتبر من الحالات المشخصة لمقام الإثبات ، إذا كان يوجد خصوصيات وجودية تسانخها وتشابهها بحسب المناسبات والقرائح اللغوية السوقية ، حينئذ يستكشف بأصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت ، أن مقام الثبوت واجد لتلك الخصوصيات.
ومبنيا على هذا ، حينئذ ، يدّعى تطبيق هذه الكبرى في محل الكلام ، فيما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري ، وذلك بأن يقال :
أن الوجوب النفسي والغيري مختلفان ثبوتا ، فإن الواجب النفسي ملحوظ بنحو المعنى الاسمي بما هو هو ، والواجب الغيري ملحوظ استطراقا