المورد من موارد الحظر ، فهذه الموردية بنفسها تكون صالحة لإجمال ظهور الصيغة لاحتمال كون هذه الموردية قرينة ، واتصال الكلام بما يحتمل قرينيّته ، يوجب الإجمال لا محالة ، من دون فرق ، بين أن يكون الظهور ظهورا وضعيا ، أو غير وضعي ، فمثلا ظهور لفظة الأسد في الحيوان المفترس ، ظهور وضعي ، فإذا أطلق هذا اللفظ مع كلمة أخرى يحتمل كونها قرينة على أن لفظ الأسد استعمل في الرجل الشجاع فحينئذ ، يتعطل الظهور الوضعي ، لاحتمال كون هذه الكلمة الأخرى ، قرينة على عدم إرادة المدلول الوضعي للفظ الأسد
وهذا الكلام بهذا البيان غير مقبول ، وذلك ، أن القرينة التي يحتمل كونها قرينة على إبطال الظهور ، ليست سوى كون المورد من موارد توهم الحظر ، وهذا معناه ، احتمال كون المولى في مقام بيان الإباحة ، ومجرد كون المورد من موارد توهم الحظر ، واحتمال أن يكون المولى في مقام بيان الإباحة ، لا يكفي لإبطال الظهور.
فبعد فرض أن صيغة افعل لها ظهور في الوجوب ، وحينئذ في غير مورد توهم الحظر ، لو قال المولى ، «صلّ صلاة الليل» ، ولا يتوهم حرمة صلاة الليل ، ففي مثل هذا يقال ، بأنّ ظهوره في الوجوب منعقد ، لكن إذا قال المولى ، «فإذا حللتم فاصطادوا» فهنا حيث يتوهم حرمة الصيد ، قال ، «فاصطادوا» ، فهنا لعلّه في مقام بيان احتمال الإباحة ، لا في مقام بيان الوجوب.
فغاية ما توجب هذه الموردية ، التي أراد السيد الخوئي ، أن يجعل منها قرينة ، هو أن يكون المراد غير الوجوب ، ومن الواضح أن احتمال أن يكون المراد هو غير الوجوب ، لا يسقط الظهور ، فإنّ كثيرا ما يحتمل الإنسان معنى آخر ، إلى جنب الظاهر ، ولكن الحجة عليه هو المعنى الظاهر ، لا المحتمل كونه معنى آخر غير الظاهر.
وعلى هذا الأساس ، فإنّ موردية هذه المادة ، لتوهم الحظر ، لا يوجب إسقاط الظهور في الوجوب.