فإنّ كون المادة في مقام الحظر ، لا يشكّل قرينة على مستوى المدلول التصوري للكلام ، ليقال مثلا ، ما هو ملاك هذه القرينيّة ، فإنّ غاية ما يوجب هذا ، هو احتمال خلاف الظاهر ، واحتمال خلاف الظاهر ، لا يكفي قرينة.
نعم فإنه يشكل إمكانية مدلول تصديقي آخر ، بدلا عن المدلول التصديقي المتعارف ، فحينما يقول ، «صلّ صلاة الليل» فهنا المدلول التصوري ، هو الإلقاء على المادة ، والمدلول التصديقي ، ينحصر في إبراز إرادة المولى ، لأنها تناسب مع الإلقاء ، أمّا كسر تحرّج العبد هنا ، فإنه لا معنى له ، لأنّ العبد لم يكن عنده تحرّج من صلاة الليل ، حتى يكسر تحرّجه بإلقائه على المادة ، فهنا المدلول التصديقي المناسب ، منحصر بالطلب والإرادة.
وأمّا حينما يقول للصائم «اشرب الماء عند غروب الشمس» فهنا لا يمكن القول ، بأنّ المدلول التصديقي جزما هو عبارة عن إرادة الأكل والشرب ، إذ لعلّه هو إرادة كسر التحرّج عند العبد ، بإلقائه على المادة ، باعتبار كونه في مورد توهم الحظر.
فالموردية لتوهّم الحظر ، ليست قرينة بدرجة المدلول التصوري للفظ ، بل هي قرينة ، توجب الإجمال في مرتبة المدلول التصديقي للفظ.
وبناء على هذا ، يتّضح أيضا ، إنّ الخلاف في صيغة «افعل» في هذه الحالة ، في أنّه هل يكون لها ظهور في الإباحة ، أو لا يكون ، فهذا بلا موجب ، فإنّ مدلولها التصوري وهو النسبة الإرسالية ، لم يختلق ، وبقي على حاله ، وهذه النسبة كما تناسب كسر التحرّج ، الذي هو ملازم مع عدم الحرمة ، كذلك تناسب مع إبراز الإرادة والطلب.
فالصحيح ، أنّ الأمر في مورد توهم الحظر أو عقيبه ، لا يكون له ظهور في الوجوب ، لكن لا بمعنى انسلاخ مدلوله التصوري ، بل بمعنى إجمال مدلوله التصديقي ، دون أن يكسب ظهورا في حكم آخر غير الوجوب.