المؤيد الأول : لو كان التكرار مثلا مأخوذا في الهيئة أو في المادة ، للزم أن يكون استعمال صيغة «افعل» ، استعمالا عنائيا مجازيا فيما إذا اقترنت بما يدل على المرة ، فلو قال «صلّ مرة واحدة» ، يكون هذا استعمالا مجازيا ، وبالتالي يكون هذا الاستعمال مبنيا على تجريد المدلول الوضعي للهيئة أو للمادة عن التكرار ، مع أن الوجدان العرفي قاض ، بأنّه لا مجاز في قولنا «صلّ مرة واحدة» ، وهذا مؤيد لما يدّعى بأنّه لم تؤخذ المرة ولا التكرار في المدلول الوضعي للهيئة ، ولا في المدلول الوضعي للمادة.
المؤيد الثاني : لو كان التكرار مأخوذا في كلمة «صلّ» ، مثلا ، فلا يخلو الأمر ، من أن يكون مأخوذا إمّا في المدلول الوضعي للهيئة ، وإمّا في المدلول الوضعي للمادة ، حيث أنّه لا يوجد وضع ثالث للمجموع المركب من الهيئة والمادة ، بل هناك وضعان فقط ، وضع للمادة ، ووضع للهيئة.
فإذا كان التكرار مأخوذا في مدلول الهيئة ، فمعنى هذا ، أنّ الهيئة تدل على طلب المتكرّر ، وهذا غير الطلب المتكرر ، بمعنى أنّ المتكرر هو متعلّق الطلب ، فليس أخذ التكرار في مدلول الهيئة ، معناه كون الهيئة موضوعة للطلب المتكرر ، بل معناه كون الهيئة موضوعة لطلب المتكرّر ، فالتكرار مأخوذا في متعلق الطلب لا في نفس الطلب ، حيث يكون المراد طلب لفردين من مادة واحدة. لا طلبين على مادة واحدة ، فبهذا النحو يكون التكرار مأخوذا في مدلول الهيئة ، وهو طلب المتكرر ، لا الطلب المتكرر.
فإذا كان كذلك ، فهذا له لازم غريب ، وهو أن يكون طرف النسبة مأخوذا في مدلول الحرف أيضا ، لأنّ هيئة «صلّ» تدل على النسبة الإرسالية ، أمّا طرف هذه النسبة ، وهو ما أرسل نحوه ، فالمفروض بحسب قواعد اللغة ، أن يستفاد من دال آخر على نحو تعدد الدال والمدلول ، لا أنّ الحرف يكون دالا بنفسه على النسبة ، وعلى طرفها ، بينما لو قلنا بأنّ هيئة «افعل» تكون دالة على طلب المتكرر ، بحيث تدل على مطلبين بحسب التحليل ، أحدهما الطلب بما هو معنى حرفي وبما هو نسبة إرسالية ، والآخر هو طرف هذا الطلب ، وهو