فاسق تحريمات متعددة ، بل حرمة واحدة ، فلو عصى وأكرمه مرة ، تسقط هذه الحرمة ، ولا تبقى حرمة أخرى متعلقه به ، إذن فالأمر والنهي متفقان في المتعلّقات والموضوعات.
وأمّا جهة الاختلاف ، فهي في مقام الامتثال ، فبعد وجود وجوب واحد وتحريم واحد ، فإن الوجوب في مقام امتثاله ، يكتفى بالإتيان بفرد واحد ، لأنّ الطبيعة توجد بوجود أحد أفرادها ، وأمّا التحريم الواحد ، فلا يكتفى في مقام امتثاله ، إلّا بترك جميع أفراد الطبيعة ، لأنّ الطبيعة لا تعدم إلّا بانعدام جميع أفرادها ، وهذا الفرق غير مربوط بباب دلالة اللفظ ، ولا بباب مقدمات الحكمة ، وإنّما هو مربوط بحقيقة أن الوجوب إيجاد والتحريم إعدام ، وأن الطبيعة توجد بوجود فرد واحد ، ولا تنعدم إلّا بانعدام تمام الأفراد.
الأمر السابع :
قلنا ، أن مقتضى القاعدة ، سواء في باب الأمر أو النهي ، هو التعدّد بلحاظ الموضوع ، وعدمه بلحاظ المتعلق ، ما لم تقم قرينة على خلافها ، فإذا كان في الخطاب قرينة على التعدّد بلحاظ المتعلّق ، أو عدمه بلحاظ الموضوع ، أخذ بها ، وكانت حاكمة على القاعدة ، ولتوضيح هذه القرينة الحاكمة ، نذكر نموذجين لها :
النموذج الأول : إن كان مقتضى القاعدة ، التعدد بلحاظ الموضوع ، فتوجد قرينة تمنع من التعدد بلحاظ الموضوع ، وتقتضي الوحدة بلحاظه.
النموذج الثاني : إن كان مقتضى القاعدة ، الوحدة بلحاظ المتعلّق ، فتوجد قرينة تقتضي التعدد بلحاظ المتعلق.
ففي النموذج الأول ، لو قال المولى ، «أكرم عالما» ، فإنّ مقتضى القاعدة هو تعدّد الحكم بلحاظ الموضوع ، لكن بدخول التنوين على الموضوع ، استفيد منه قيد الوحدة ، وبعد أخذ هذا القيد في طبيعة «العالم» ، يستحيل أن يتكثّر تطبيقه في الخارج ، وبتبعه يستحيل تعدد الحكم.