موضوعه ، وهو الخير ، فيحكم بوجوب الإتيان بما قبل العاشر ، أي بأحد التسعة ، لأنه خير ، والمسارعة المتحقق وجوبها خير أيضا ، إذن فتحقق موضوعا لوجوب آخر مجعول في نفس قضية المسارعة ، وهو أن هناك خيرا والمسارعة إليه تكون بالإتيان بما قبل التاسع ، أي بأحد الثمانية وبهذا يتولد خير ثالث ، وهنا الخير الثالث يقع موضوعا لوجوب المسارعة أيضا ، ووجوب المسارعة بالنسبة إليه معناه الإتيان بما قبل الثامن ، وهكذا حتى يصل إلى ما قبل الثاني ، فتنشأ عشرة وجوبات ، والوجوب الأول وجوب الصلاة المنشأ بأقيموا الصلاة ، وتسع وجوبات مجعولة في «سارعوا» ، وكل واحد حقق موضوعا لما يليه ، على ما هو الحال في حجية الخبر الواحد مع الوسائط ، وعلى هذا يتم استفادة كون الأمر باقيا ومقتضيا للإتيان بمتعلقه فورا ففورا حيث لو لم يأت بواحد إلى آخر العشرة ، يعصي عشرا وهذا معنى فورا ففورا.
التعليق الثاني :
أنه لو قطعنا النظر عن القضية الحقيقة المجعولة في دليل وجوب المسارعة ، وفرضناها غير ناظرة إلى نفسها ، بل إلى الخيرات الأخرى الثابتة من غيرها ، فلا يتم التعليق الأول ، ولكن نعلّق ثانيا وحاصله.
إن الخير ، عبارة عن كل فعل ، يكون إيجاده شرعا خيرا من تركه ، وإذا لاحظنا دليل أقيموا الصلاة ، وقطعنا النظر عن آية المسارعة ، وفرضنا أن المسارعة لها عشرة أفراد مترتبة من الزوال إلى الغروب ، ففي أول الزوال الخير عبارة عن الجامع بين العشرة ، لأن إيجاده أفضل من تركه ، بدليل أقيموا الصلاة ، إذن فيصدق على الجامع بأنه خير ، ولكن في أول الزوال ، لو لاحظنا التسعة الأخرى غير الفرد الأول ، فلا يكون إتيانها خيرا من عدمها ، إذ قد يكون عدمها توأما مع عدم الفرد الأول ، وإنّما ما يكون إتيانه خيرا من عدمه هو الجامع بين العشرة وأمّا الجامع بين التسعة من الثاني إلى العاشر فليس إتيانه خيرا من عدمه فلعلّ عدمه يكون بالإتيان بالفرد الأول ، فلا يكون هذا العدم مرجوحا ، إذن فما هو مصداق للخير في أدلة الشريعة ، إنما هو الجامع