موضوع هذا الوجوب الواقعي هو فوت مطلق الواجب ، أي سواء كانت الفريضة واقعية أو ظاهرية فبالاستصحاب يثبت وجوب ظاهري فيكون قد فات فيجب القضاء ، لكن لازمه حينئذ أن يكون وجوب القضاء واقعيا لأجل هذا الفوت ، بحيث لو فرض في علم الله أنه كان قد أتى بالصلاة قبل الاستصحاب ولم يكن بذمته صلاة وإنما هو مجرد وجوب ظاهري مع هذا يجب عليه القضاء واقعا ، لأن موضوع وجوب القضاء هو الفوت وقد تحقق.
وبعبارة أخرى أن موضوع هذا الوجوب الواقعي إن كان هو فوت الواقع فلا يمكن إحرازه وإن كان هو الأعم من الواجب الواقعي أو الظاهري فلازمه ، أنّ من جرى في حقه الاستصحاب داخل الوقت ولم يأت بالواجب حتى خرج الوقت ، لازمه أنه يجب عليه القضاء في خارج الوقت كوجوب واقعي ، أي حتى إذا انكشف بعد الوقت أن صلاته في الوقت كانت صحيحة ، وهذا أيضا ممّا لا يلتزم به فقيه.
إذن فحلّ الإشكال مبني على أن يكون الأمر بالقضاء أمرا نوعيا غير محدّد الصبغة وهذا الاستظهار ليس ببعيد ولا ينبغي أن يستنكر على ذلك ويقال ، أنه كيف شذّ دليل وجوب القضاء عن أدلة الواجبات الأخرى ، إذ أنّ أدلتها تحمل على كون الواجب واقعيا فكيف يحمل هنا على كونه أمرا نوعيا وليس واقعيا ، ولا ظاهريا إلّا بحسب الموارد؟.
والفرق واضح ، فإن دليل «اقض ما فات كما فات» ليس أمرا تأسيسيا ابتدائيا من قبيل أمر «صلّ الظهر أو الجمعة» بل هو أمر إبقائي ، أي إبقاء ما فات ببعض مراتبه فلسانه لسان إبقاء ما مضى ببعض مراتبه ، إذن فهو تابع للون ما مضى فهو يكتسب لونه من لون ما مضى.
وبعبارة أخرى ، إن دليل القضاء حيث يستظهر كونه لتدارك ما فات على المكلف داخل الوقت فلا ينبغي الاستنكار عليه كونه شذّ عن أدلة الواجبات الابتدائية الصرفة كونها تحمل على أنها واجبات واقعية في حين أنه أمر نوعي لا هو واقعي ولا ظاهري.