ولكن هذا الفرق تتوقف تماميّته على دعوى الاستظهار من دليل وجوب القضاء.
وتوضيحه ، أن دليل وجوب القضاء وهو «اقض ما فات كما فات» إذا استظهرنا منه أنه إنشاء للأمر بالقضاء ، إلّا أنه أمر نوعي غير محدّد اللون وإنما يتحدد لونه بتحدد لون ما فات ، فإن كان ما فات واجبا فيجب القضاء وإن كان مستحبا فيستحب وإن كان واجبا واقعيا فيجب القضاء واقعيا ، وإن كان ظاهريا فيجب القضاء ظاهريا ، وهذا معنى كون الأمر بالقضاء أنه نوعي غير محدّد اللون ، وهذا من قبيل أن نقول الميسور لا يسقط بالمعسور ، حينئذ الميسور يكتب من المعسور فإن كان المعسور واجبا فالميسور مثله ، وهكذا وحينئذ ، فإذا استظهرنا من دليل وجوب القضاء أنه من قبيل قاعدة الميسور وأنه إنشاء لأمر نوعي غير محدّد اللون ، حينئذ لا بأس بالتفرقة المتقدمة في المقام بين جريان الاستصحاب في أثناء الوقت فيثبت به وجدانا فوت الواجب الظاهري فيجب قضاؤه وجوبا ظاهريا ، لأن لونه تحدّد بلون ما فات ، وإن فرض أن الاستصحاب لم يجره حتى مضى الوقت وانتهى ، إذن هنا لم يحرز فوت شيء ، لا الفوت الواقعي ، لأن استصحاب عدم الإتيان لا يحرز الفوت الواقعي ، ولم يحرز الفوت الظاهري إذ لم يفته شيء ظاهري في الوقت فلا يجب عليه القضاء ، وحينئذ تجري في حقه البراءة ، وبناء على هذا الاستظهار تكون فرضية التفرقة صحيحة.
وأمّا إذا لم نقبل هذا الاستظهار وقلنا بأن «اقض ما فات كما فات» ، هو حكم متعيّن الهوية واللون ، أي أنه حكم واقعي كما هو الحال في سائر أدلة الأحكام الواقعية كما في دليل «صلّ الجمعة وصلّ الظهر وصم شهر رمضان» وعليه فوجوب القضاء يكون وجوبا واقعيا.
وبناء على هذا ، فإن كان موضوع هذا الوجوب الواقعي هو فوّت هذا الواجب الواقعي بالخصوص ، إذن فلا يمكن إحراز فوت الواجب الواقعي بإجراء استصحاب عدم الإتيان في الوقت وعليه فلا يجب القضاء ، وإن كان