الغروب ، لا دخل له في نكتة أن موضوع وجوب القضاء الواقعي هو الفوت والخسارة وباستصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت الواقعي لأنه استصحاب مثبت فلا يجب القضاء مع أنه لا نظن بفقيه أن يلتزم بذلك وإن التزم بعضهم بعدم وجوب القضاء لو كان جريان الاستصحاب في حقه بعد خروج الوقت ، ولكن من حين كونه في الوقت كان مخاطبا بخطاب لا تنقض اليقين بالشك ، حينئذ لا يظن في حقه عدم وجوب القضاء ، مع أن هذه الصناعة تجري فيما إذا جرى الاستصحاب في حقه في الوقت لأنه مثبت.
وخلاصة المسألة أن كلام صاحب الكفاية غير تام لأنه ينقض عليه بأنه يلزم منه عدم وجوب القضاء حتى إذا انكشف الخلاف في الوقت ولكنه قصّر ولم يأت بما فات حتى خرج الوقت ، إذ سوف يشك أيضا في توجه أمر جديد إليه ولا يمكن إثبات موضوعه بالاستصحاب فتجري في حقه البراءة.
وقد يقال بأن الاستصحاب إذا جرى في الوقت فحينئذ نفس هذا الاستصحاب يحدث وجوبا ظاهريا ، وهذا الواجب الظاهري الذي ثبت بالاستصحاب قد فات يقينا ، فيجب عليه قضاؤه لأن كل ما فات يجب قضاؤه ، وهذا بخلاف ما إذا لم يجر الاستصحاب في حقه في أثناء الوقت وإنما جرى بعد خروج الوقت فإنه حينئذ لم يفته شيء ، لا الواجب الواقعي ، ولا الواجب الظاهري لأنه لم يحرز فوت شيء ، أمّا الواجب الواقعي فلأن إثبات فوته باستصحاب عدم الإتيان فهو مثبت ، وأمّا الواجب الظاهري فلأنه لم يكن في حقه وجوب ظاهري حينئذ ليفوت.
كل هذا قد يقال للتخلص ممّا أشكلنا به.
ولأجل إبداء الفرق بين ما إذا كان الاستصحاب جاريا في حقه في أثناء الوقت فتسامح ولم يأت به إلى أن خرج الوقت ، وبين ما إذا لم يكن الاستصحاب جاريا في حقه إلّا بعد خروج الوقت.