ويشك في امتثاله وعدم امتثاله فباستصحاب عدم الإتيان هنا يثبت عدم الامتثال إذن فلا بدّ للمكلف من الإتيان به وأمّا إذا قلنا بأن القضاء إنما هو بالأمر الثاني ، فإن قيل بأن موضوع هذا الأمر الثاني هو «عدم إتيان الصلاة في الوقت» «أي أن من لم يأت بالصلاة في الوقت يجب عليه القضاء» فكذلك ينفع استصحاب عدم الإتيان لتنقيح موضوع وجوب القضاء ، لأن موضوعه هو عدم الإتيان ، فباستصحابه يثبت موضوعه فيحكم بوجوب القضاء.
وأمّا إذا قلنا بأن موضوع القضاء بالأمر الثاني إنما هو «الفوت والخسارة» الذي هو لازم عقلي لعدم الإتيان ، فحينئذ يشكل إثبات وجوب القضاء باستصحاب عدم الإتيان لأن استصحاب عدم الإتيان لا يثبت عنوان «الفوت» فيكون الاستصحاب من هذه الناحية مثبتا ، وهو غير مثبت كما هو مقرر في محله ، وعلى هذا فلا يثبت وجوب القضاء بل يجري في حق هذا المكلف حينئذ أصالة البراءة (١) عن وجوب القضاء.
إلّا أن الكلام لو تمّ من ناحية صناعية ، إلّا أنه غير تام من الناحية الفقهية. وذلك أن دعوى أن الاستصحاب لا يثبت به وجوب القضاء فيما إذا كان موضوعه «الفوت» هذه الدعوى لا تختص بخصوص ما إذا جرى الاستصحاب بعد فوات الوقت بل تتم أيضا فيما لو جرى الاستصحاب في أثناء الوقت ، فلو فرض أنه التفت قبل الغروب وشك في أنه صلّى أم لم يصلّ ، فهنا الأصل الجاري هو استصحاب عدم الإتيان فيتنجز عليه وجوب الإتيان بالصلاة ، فلو فرض أن هذا المكلف أهمل ولم يأت بالصلاة إلى أن فات وقت الفريضة حينئذ سوف يشك أيضا في توجه أمر جديد إليه ، والمفروض أنه لا يمكنه إثبات موضوعه بالاستصحاب لأنه استصحاب مثبت ، إذن فتجري البراءة في حقه لأن هذا الاستصحاب لا يثبت الفوت والخسارة ، وعليه ، فلا يجب عليه القضاء وكون هذا الاستصحاب قد جرى في حقه قبل الغروب أو بعد
__________________
(١) كفاية الأصول : المشكيني ج ١ ص ١٣٥.