أوامر متعددة ، بأشياء متعددة ، وثبت من الخارج ، أن أكثر هذه الأشياء ليس واجبة ، وبعضها لا يرى أنه واجب أو ليس بواجب ، فهنا يقولون إن دلالة السياق تقتضي أيضا حمل هذا البعض على الاستحباب ، فمثلا إذا ورد أنه إذا أردت أن تصلي فأذّن ، وأقم ، واستعذ من الشيطان ، مع العلم أن هذه الأمور ليست واجبة ، إلّا الإقامة ، لا يعلم أنها واجبة أو غير واجبة ، فحينئذ ، بمقتضى وحدة السياق ، وكون عنوان «أقم» ، ورد مع أوامر متعددة ، وكلها استحبابية ، إذن يكون هذا العنوان دالا على استحباب الإقامة أيضا.
ودلالة السياق هذه بناء على مسلك الوضع هي تامة ، فإن دلالة السياق مرجعها إلى أن المدلول العرفي اللفظي لهذه الكلمات الواردة في سياق واحد هو واحد أيضا ، وبناء على مسلك الوضع ، يكون الوجوب والاستحباب بنفسه مدلولا للفظ.
وعلى هذا ، فإمّا أن يكون مدلولها بأجمعها هو الوجوب ، وإمّا أن يكون هو الاستحباب ، باعتبار ظهور حال السياق الواحد في أنّ ما تشابه من الألفاظ في هذا السياق ذات مدلول لفظي واحد أيضا ، وقد علم من الخارج أن مدلول أكثر الكلمات الواردة ليس هو الوجوب يقينا ، إذن بقرينة وحدة السياق ، ينثلم مدلول «أقم» في الوجوب أيضا ، ويحمل على الاستحباب.
وأما بناء على مسلك الميرزا ، القائل بأن المدلول اللفظي ليس هو الوجوب أو الاستحباب ، بل هو أصل الطلب ، والوجوب والاستحباب ، هما من شئون حكم العقل ، فعلى هذا ، لا يمكن إثبات استحبابية الإقامة ، أو القدح في دلالة «أقم» على الوجوب ، ببركة وحدة السياق ، وذلك لأن غاية ما تقتضيه وحدة السياق هو وحدة المدلول اللفظي لهذه الكلمات ، والمدلول اللفظي واحد ، وهو الطلب ، فلا مانع من الالتزام بوجوب الإقامة ، مع كون غير الإقامة مما ورد مستحبا ، ولا تنثلم بذلك وحدة السياق ، لأنها محفوظة ، باعتبار أن المدلول اللفظي واحد وهو الطلب ، إذن فوحدة السياق محفوظة ، فلا يمكن ببركة هذه الوحدة نفي دلالة «أقم» على الوجوب.