أمّا أن تكون مستعملة في الوجوب ، فهذا غير محتمل في المقام ، لأن غسل الجمعة ليس واجبا ، فكيف تكون الصيغة منصبة على ما ليس بواجب.
وأمّا أن تكون مستعملة في الاستحباب أو في الجامع ، إذن فلا يبقى دلالة على وجوب غسل الجنابة ، ولا يقال أنها تستعمل في الوجوب بلحاظ غسل الجنابة ، وفي الاستحباب بلحاظ غسل الجمعة ، لأن الوجوب والاستحباب بحسب الغرض هو مدلول لفظي للكلام ، فيكون ذلك من باب استعمال اللفظ في معنيين ، وهو غير صحيح عرفا ، إذن فاستعمال الصيغة في الوجوب والاستحباب غير صحيح ، واستعمالها في الوجوب على الإطلاق غير محتمل ، فتسقط دلالتها على الوجوب ، ويتعين أن تكون مستعملة إما في الاستحباب فقط ، وإمّا في الجامع ، وعلى كلا التقديرين ، لا يبقى للأمر دلالة على وجوب غسل الجنابة.
وأمّا بناء على مسلك الميرزا ، فإن الصيغة موضوعة لأصل الطلب ومستعملة في الطلب على نحو واحد في غسل الجمعة وفي غسل الجنابة ، وعلى هذا يمكن الالتزام بعدم وجوب غسل الجمعة ، فالعقل لا يحكم بوجوبه لورود الترخيص في تركه من قبل المولى ، وأمّا غسل الجنابة ، فحيث لم يرد ترخيص في تركه ، فالعقل يحكم بوجوبه ، فيمكن الجمع بين الوجوب والاستحباب ، وليس هذا من باب الجمع بينهما في استعمال واحد ، لأن الوجوب والاستحباب على مسلك الميرزا ليسا من مداليل اللفظ بل هما من شئون حكم العقل.
وكذلك الحال بناء على مسلك الإطلاق الذي قرّبناه ، فإن خطاب «اغتسل للجمعة وللجنابة» ينحل بحسب معناه إلى أمرين. اغتسل للجمعة ، واغتسل للجنابة ، وكل من هذين الأمرين بحسب الإطلاق ، هو طلب لا رخصة في مخالفته ، ولكن أحدهما ثبت تقيده من الخارج دون الآخر ، إذن فنتمسك بالإطلاق ونثبت أن طلب غسل الجمعة ، طلب مقيّد ، بقرينة منفصلة ، وأمّا طلب غسل الجنابة ، فهو طلب مطلق وليس هذا من الجمع بين المعنيين