الإمكان ، إذن فلما ذا هذا الإمكان صار صالحا لتصحيح وجود هذه الحادثة ، ولم يصبح صالحا لتصحيح وجود الحوادث الأخرى!.
وأمّا ما ذكره المحقق النائيني ، من أن الفعل ، يكون المصحّح لوجوده ، إعمال القدرة ، فهذا لا يكفي جوابا على السؤال ، لأننا نتكلم في نفس إعمال القدرة ، الذي هو فعل نفساني ، وإلّا فنسأل من جديد ما هو المصحّح لوجود هذا الفعل النفساني!. هل المصحح لوجوده ، مجرد إمكان صدوره من النفس ، أو وجوب صدوره من النفس؟. فإن كان المصحّح ، وجوب صدوره من النفس ، إذن فمعناه ، أنه ينطبق عليه ، قاعدة ، أن الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وإن كان المصحّح لوجوده ، مجرد إمكان صدوره من النفس ، إذن فيبقى الكلام ، في أنه لما ذا لا يكون المصحّح لصدور أي فعل من محله ، هو إمكان صدوره ، مع أن الإمكان وحده ، في بقية الموارد ، لا يكون مصححا لصدور الفعل.
ومن هنا كان لا بدّ من تكميل للبيان ، وتوضيح لمرام المحقق النائيني ، إذ قد تكون العبائر غير وافية ، فلا بدّ من طرح مفهوم ثالث ، إلى جانب الإمكان والوجوب ، وهو مفهوم السلطنة ، والإمكان بما هو إمكان ، لا يصحّح وجود شيء ، لا في عالم النفس ، ولا في عالم الطبيعة ، لأن الإمكان أمر سلبي ، ومجرّد سلب الضرورة ، عن الوجود والعدم ، لا يكفي لتعيين أحد الطرفين وأمّا كون الوجوب ، بمعنى الضرورة ، الناشئة من العلة التامة ، مصحّحة لوجود الشيء ، ولكن هذه الضرورة التي تكون مصححة لصدور الشيء تكون منافية مع الاختيار أيضا لا محالة. وأمّا السلطنة ، فهي عبارة ، عن أن الذات ، لها أن تفعل ولها أن لا تفعل ، فالسلطنة مفهوم ثالث ، مغاير للإمكان والوجوب ذاتا ونتيجة كما يأتي.