باب بيان تمام المراد.
الآية الحادية والعشرون قال تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (التغابن ١٢).
أقول الكلام في تفسير هذه الآية بعينه الكلام في سابقتها وهي الآية في سورة النور ـ ٥٤.
الآية الثانية والعشرون قال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (سورة محمد آية ٢٣) بيان قد ذكروا في تفسير قوله تعالى (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) أقوالا لا فائدة في إيرادها والظاهر ان المتناسب بعد قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) ان المراد بابطالهم أعمالهم هو فقدان العمل الاجزاء والشرائط التي أمر الله تعالى أو أمر بها رسول الله (ص) في ما سن من السنن أو أمر رسول الله بمقام ولايته على أمور المسلمين وشئون اجتماعهم فخالفوا أمر الله تعالى وأمر الرسول (ص) فعلى هذا يكون المراد هو البطلان الحقيقي لعدم وجدان الأعمال والاجزاء والشرائط الدخيلة في صحتها.
قال الشيخ (قده) في تبيانه ج ٩ ص ٣٠٨ في تفسير المقام بأن يوقعوها على خلاف الوجه المأمور فيبطل ثوابهم عليها فيستحقون العقاب انتهى.
أقول هذا هو الظاهر في الآية الكريمة فعليه يكون عطف قوله (وَلا تُبْطِلُوا) عطفا توضيحيا.
وهل يمكن ان يكون المراد من إبطال الأعمال هو إحباط ثوابها فان حبط ثواب العمل نوع من الابطال لا يخلو عن الاشكال لعدم صراحة الإبطال في معنى الإحباط.
في نور الثقلين ج ٥ ص ٤٥ عن ثواب الأعمال عن أبي جعفر عليهالسلام قال رسول الله (ص) من قال سبحان الله غرس الله بها شجرة في الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله بها شجرة في الجنة ومن قال لا إله إلا الله غرس الله بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش يا رسول الله أن شجرتنا في الجنة لكثيرة قال نعم ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوا بها وذلك ان الله عزوجل يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ).
أقول ويؤيد هذا الوجه أن بناء على ما ذكره الشيخ (قده) يكون المراد عن الابطال هو الآيتان فاسدا وبناء على كونه بمعنى الإحباط أي إبطال ثواب العمل فلا يخفى ان في كل واحد من الوجهين نوع من الخفاء فلا ترجيح في البين بحيث يوجب ظهور الآية في واحد من الطرفين والإنصاف أن مع ذلك كله الظاهر هو ما ذكره الشيخ