(قده).
والظاهر انه لا فرق بين الوجهين ان الحكم في قوله تعالى (لا تُبْطِلُوا) حكم إرشادي سواء قلنا ان المراد هو إتيان العمل فاسدا أو إحباط ثوابه بمعصية خارجة عن ماهية العمل.
وأما حمل الآية على ان المراد هو الانصراف عن العمل في أثناء العمل قبل إتمامه صحيحا فلا دليل عليه من ظاهر الآية فإن المقام هو تذكير العقول وتحكيم ما يدركه بالبداهة من وجوب طاعة الله سبحانه وتشريع وجوب طاعة الرسول على المؤمنين والتحذير عن إبطال بمخالفة امره تعالى وأمر رسوله سيما ان الآيات مسوقة في مقام ترسيم أمور القتال والثبات في قتال العدو وان قلنا أن المورد لا يوجب تقييد إطلاق الآية فإن قلت فأي مانع من الأخذ بالإطلاق بالنسبة الى هذا النوع أيضا.
قلت قد ثبت في محله ان الإطلاق انما يكون بالنسبة إلى الأنواع والإفراد في سياق الكلام إذا كانت الأنواع أو الإفراد متساوية القوام في سياق الكلام فلا بد في إحراز ذلك في مرحلة الحمل على الإطلاق.
وثانيا ان تحريم قطع العمل قبل إتمامه تحريم مولوي فيشكل القول بالإطلاق بين الأحكام التعبدية والإرشادية كما قد تقرر في محله ان الأوامر والنواهي الإرشادية لا إطلاق ولا عموم فيها وانما يدور مدار الأمر المرشد اليه وسعته وضيقه.
الآية الثالثة والعشرون ـ قال تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) (الحجرات ١٤).
بيان قال في القاموس ج ١ ص ١٦٣ الى ان قال لأنه يلوثه ويلوثه حبسه عن وجهه وصرفه الى ان قال نقصه انتهى ما أردناه.
بينما قال في القاموس ج ١ ص ١٣ الى أن قال لأنه يلوثه ويلوثه حبسه عن وجهه وصرفه لكن أن قال نقصه انتهى ما أردناه.
والايمان هو العرفان بالله وبتوحيده وقدسه عن جميع ما لا يليق به ثم تحكيم عهود وتثبيت مواثيق بين الرب والمربوب والعابد والمعبود أي الإقرار والتعهد بالقيام بجميع ما يجب عليه من وظائف العبودية اي عهدا وميثاقا واجبا بذاته والظاهر ان تسمية هذا الموقف الخطير ايمانا بلحاظ هذه العهود والمواثيق لا باعتبار معرفته ومعاينة ربه ، والإسلام في الآية الكريمة ما عليه جمهور المسلمين من التسليم والاستسلام الظاهري الذي جرت عليه المناكح والمواريث وبه حقنت الدماء وتشمل الضلال والمنافقين.
وللإسلام إطلاق آخر ومعنى آخر يساوق الحد الأعلى من الايمان بعناية خاصة في لفظ الإسلام قال تعالى (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (البقرة ١٣٠)