قال تعالى (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (البقرة آية ١٢٣) وفي هذا السياق آيات كثيرة في القرآن الكريم فعلى عهدة الباحث التحري والتحقيق والتفريق بين الآيات في هذا الباب وقوله تعالى (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الظاهر ان هذا ليس من باب العتاب والتوبيخ بل على نحو بيان الواقع والاخبار عن نفس الأمر وفيه بيان إجمالي بحقيقة الايمان وأنها فوق الإسلام والإسلام بابه وحريمه وتفصيل تلك الأبحاث موكول الى محل آخر.
قوله تعالى (وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي أن تطيعوا الله تعالى في دينه وشريعته في الفرائض العقلية والشرعية في المحرمات كذلك وتطيعوا الرسول في ماله الولاية عن الله تعالى من تسنين السنن ونظم الأمور ، وظاهر السياق أن الآية خطاب للأعراب الذين قالوا آمنا ولا يبعد أن يقال أنه مطلق شامل لكل من عرف وعقل على حسب مراتب ايمان المؤمنين وواضح أن المراد بطاعته تعالى وطاعة رسوله ما كان مقرونا بالإخلاص لله وحده لا شريك له فمن مصاديق طاعته تعالى وطاعة رسوله نفس الأعمال التي أتى بها موافقة لأمره تعالى وأمر رسوله من العبادات التعبدية وكذلك الواجبات الغير المولوي وترك المحرمات.
قوله تعالى (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) أي لا ينقصكم الله سبحانه من ثواب أعمالكم شيئا فإنه سبحانه وفي شكور لا يضيع لديه أجر المحسنين وانما قلنا ثواب أعمالكم ضرورة أن انتقاص نفس العمل أو إتمامه انما هو فعل من أفعال المكلفين فلا محصل لنسبة تنقيص الأعمال أو إكماله التي من أعمال المكلفين اليه تعالى بل الظاهر أن المراد هو الثواب الذي وعده تعالى تفضلا عليهم فيجازيهم ولا ينقص منه شيئا فإنه تعالى وافي القول فلا يخلف الميعاد. في الآية الكريمة دلالة على إكرامه تعالى لرسوله وعلى عناية خاصة بشأنه فإنه تعالى قرن طاعة رسوله بطاعته وجعل طاعته وطاعة رسوله عين عبادة عبادة فإن عباداتهم عين امتثال أوامره وأوامر رسوله وفي بعض من عباداتهم جعل طاعته وطاعة رسوله شرطا لقبول عباداتهم وترتب الثواب عليها مثل ما لو كانت الطاعة خارجة عن حقيقة العبادة وبعبارة أخرى جعل التقوى وترك معصية الله تعالى ومعصية رسوله شرطا لقبول عباداتهم وترتب الثواب عليها مثل ما لو كانت الطاعة خارجة عن حقيقة العبادة وبعبارة أخرى جعل التقوى وترك معصية الله تعالى ومعصية رسوله شرطا لقبول عباداتهم وهذا خلاصة القول في تفسير هذه الآيات وفي هذا المعنى روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام قد تقدم شطر منها في تفسير الآيات ونورد في هذا