يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى). وفي المجمع ج ١٠ ص ٥٠٥ عن الصادق (ع) قال دخل رسول الله (ص) على فاطمة (ع) وعليها كساء من جلة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله (ص) لما أبصرها فقال يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد انزل الله علي (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى). وفي البرهان ج ٤ ص ٤٧٢ مسندا عن حماد بن عيسى عن الصادق (ع) عن جابر بن عبد الله قال دخل رسول الله على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من جلة الإبل فلما نظر إليها بكى وقال لها تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فأنزل عليه (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى).
في نور الثقلين ج ٥ ص ٥٩٤ عن المناقب تفسير الثعلبي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام وتفسير القشيري عن جابر الأنصاري قال رأى النبي (ص) فاطمة (ع) وعليها كساء من جلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله (ص) فقال يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقالت يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه فأنزل الله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى).
أقول الروايات الشريفة صريحة في تعيين الغرض المسوق له الكلام وشاهدة صدق على ما ذكرناه ان الآية في مقام تزهيده (ص) عن الدنيا وزينتها ونعيمها وعلى ترغيبه (ص) وترغيب عترته الطاهرة وأوليائه المخلصين إلى الآخرة فإنه (ص) لما رأى الزهراء الصديقة وشاهد ما كانت فيها من مرارة الدنيا فرضي بها وأمرها بالصبر والتحمل في هذه الأيام القلائل وفي هذا ذكري وبلاغ لقوم يعقلون.
وأما اختلاف الروايات من حيث وقت نزول الآية فرواية المجمع فقد انزل علي (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ) الآية يؤيده ما قيل ان السورة مكية وبناء على مفاد غيرها ظاهرة ان السورة مدنية فالأمر فيه سهل لان تسليته (ص) فاطمة (ع) بقراءة الآية عليها وأمرها بالصبر وتزهيدها عن الدنيا ونزول الآية في شأنها متحدة المفاد مع رواية المجمع في ما نحن بصدده من تعيين الغرض المسوق له الآيات.
ومما ذكرنا يعلم وهن ما ذكره الرازي في تفسير المقام ج ٢٢ ص ١١٠ قال وثانيها ما يخطر ببالي وهو ان يكون المعنى وللأحوال الآتية خير لك من الماضية انتهى ما أردناه.
أقول لا دليل على هذا التأويل ولما يعلم وجه لترجيح أحواله الآتية على أحواله الماضية والظاهر أن معنى كون الآخرة خير له (ص) كما هو مفاد الروايات أيضا انه سبحانه اختار له الآخرة وحيث انه (ص) وأوصيائه الصديقون (عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ)