في نور الثقلين عن الكافي بإسناده في احتجاج أمير المؤمنين (ع) على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملا وشكاه اخوه ربيع بن زياد الى أمير المؤمنين (ع) انه قد غم اهله وأحزن ولده بذلك فقال أمير المؤمنين علي به فلما رآه عبس في وجهه فقال اما استحييت من أهلك أما رحمت ولدك أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها أنت أهون على الله من ذلك الى أن قال فبالله ان ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال وقد قال عزوجل (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الحديث.
ثم لا يخفى ان الآية الكريمة في مقام افادة التزين والتجمل من حيث المعنى المصدري لا في مقام إفادة الحلية والإباحة للأعيان التي يتجملون بها فمساق الآية ليس الأمر بأخذ الزينة المفروغة عن شرعيتها والتزين والتجمل بها وساكتة عما توهم من دلالتها على حلية الأعيان التي يتجملون بها فلا يمكن دعوى الإطلاق في الآية بالنسبة إلى أنحاء التجمل وبالنسبة إلى الأعيان أيضا فحلية الأعيان وعدمها أجنبية عن مفاد الآية فلا بد من التماسها من أدلة أخرى وسيأتي مزيد توضيح بذلك إن شاء الله
فعلى هذا لا بد أن يكون المقيدات للآية الكريمة من حيث الذي سيقت الآية لأجلها من إطلاق أنواع التجمل وأرقامه مثل لباس الشهرة ولبس الرجال لباس النسوان وبالعكس. قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا) الآية عطف على قوله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ) وحدة السياق وان كانت تقتضي ان يكون الأمر بالأكل والشرب مثل المعطوف عليه من حيث الوجوب أو الاستحباب الا أن تقيد المعطوف عليه بقوله عند كل مسجد كاف في تفكيك السياق وان قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا) في مقام تشريع الترخيص والتسويغ ولا يخفى أن هذا الترخيص ترخيص شرعي واباحة مولوية في قبال الأحكام الأربعة الأخرى.
فصدر الآية الآمرة بأخذ الزينة وجوبا أو استحبابا وذيلها الناهية عن الإسراف كاف في تأييد ما ذكرناه وقرينة في إثبات ما استظهرناه. فلا مجال لتوهم أن الآية في إثبات حلية الأشياء ورفع الحظر قبل ورود الشرع كما تقدم ذكره عن الكشاف في الآية السابقة فإنه مضافا الى بطلانه من أصله وفي حد نفسه فرق بين بين الآيتين.
فالآية السابقة في مقام الامتنان وهذه الآية في مساق التشريع وهل يمكن ان يقال بإطلاق الآية وشمولها بالنسبة إلى المطاعم والمشارب أيضا كي يمكن الاستدلال بها بحلية ما يمكن ان يؤكل ويشرب ما عدا موارد التقية أو أن الإطلاق المذكور بالنسبة خصوصيات الأكل والشرب بمعناهما المصدري فقط. الظاهر هو الثاني وزعم بعض الأعيان ان الإطلاق من كلا الوجهين وخلط تفسير هذه الآية بالآية التالية وهي