ان طاعته تعالى واجبة بذاتها يدركها الإنسان بعقله من دون احتياج الى جعلها وتشريعها وطاعة الرسول واجبة بإيجابه تعالى وتشريعه سبحانه.
قوله (ع) وجعل ذلك دليلا على ما فرض الله الظاهر ان قوله (ذلك) إشارة إلى المقارنة المذكورة ضرورة أن استقلاله (ص) بالأمر والنهي بأمره تعالى دليل قاطع على ان له (ع) حق الأمر والنهي من الله في الموارد التي أمر تعالى واذن له (ص) ولا يبعد ان تكون إشارة الى الآية الكريمة فإن الآية الكريمة دليل محكم على ما فوض اليه (ص) في الجملة بالبيان الذي ذكرناه والظاهر في المقام هو الوجه الأول.
قوله (ع) وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم بعد ما فسر (ع) الآية المبحوثة في شأن طاعة الرسول ذكر (ع) ان لهذه الآية نظائر في القرآن فعلى عهدة المفسر التبصر والفحص في آيات القرآن والظفر بها وتفسيرها وتجزيتها.
وفيه أيضا عن كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل يقول فيه وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من أمنائه فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره فقال (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) قوله (ع) وأجرى فعل بعض الأشياء ـ الى آخره ـ في الأمور التشريعية التي فوض الأمر فيها إلى أمنائه يأمرون وينهون لأنه تعالى أمرهم واذن له تعالى أن يتوصل في جعل أحكامه وتشريع سننه لكل ما شاء وأراد من السبل فجعل فعلهم فعله وأمرهم أمره قال تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ) الآية وكذلك في الأمور التكوينية مثل الملائكة المدبرين لأمور العالم بأمره تعالى : في الكافي ج ١ ص ٢٠٧ بإسناده إلى إسحاق النحوي قال دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فسمعته يقول أن الله عزوجل أدب نبيه فقال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ثم فوض اليه فقال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقال عزوجل (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) الحديث. أقول ويأتي في طي الأبحاث في تفسير الآية المباركة شواهد ودلائل أخرى على ما ذكرناه من البيان وعلى ما أوردناه من الروايات الشريفة.
الآية الثالثة ـ قال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٣٢) آل عمران.
بيان ـ تنقيح البحث في الآية الكريمة يحتاج الى تحرير أمور الأول قال الرازي في تفسيره ج ٨ ص ١٧ ما خلاصته ان الآية الكريمة مسوقة لدعوة الناس الى الايمان بالله تعالى وبالرسالة على هذا الطريق وهو ان اليهود كانوا يقولون نحن أبناء الله