وقد ذكرنا في ما تقدم غير مرة ان مورد النزول وان لم يكن مقيدا لإطلاق الآية النازلة فيه ومخصصا لعمومها الا انه لا يجوز إخراج مورد النزول عن مفاد الآية بل يجب الأخذ بإطلاقها وعمومها ويكون مورد النزول من اجلى مصاديقها وأظهر أنواع مفادها فتدل الآية على إيجاب اتباع الرسول سواء كان حكم في باب الخصومات أو امرا ونهيا في غيره من الموارد فاذن لا يجوز ان يقال ان قوله (لِيُطاعَ) ليس مجعولا بالجعل الشرعي في باب الخصومات ولا يجوز القول بالإطلاق بين موارد التعبد المولوي وموارد الإرشاد ولا يجوز إلغاء موارد التعبد وحملها على الإرشاد فالآية الكريمة بقرينة ما تقدم عليها من الآيات وبقرينة ما يتلوها من قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء (٦٥) نص واضح في توبيخ المنافقين لاعراضهم عن التحاكم الى الرسول (ص) ولرجوعهم الى الطاغوت ونص في وجوب اتباعه والتسليم لما يقضي ويحكم في مورد التنازع وأجنبية ما ذكروا ان الآية في مقام الإرشاد لوجوب طاعته تعالى اي أن وجوب طاعة الرسول لأجل الطريقة والتوصل الى طاعته تعالى وقد ذكرنا في ما تقدم غير مرة ان مورد النزول في الآيات القرآنية لا يصلح ان يكون مقيدا أو مخصصا لإطلاق الآية أو عمومها بمورد نزولها بل يجب الأخذ بإطلاق الآية أو عمومها ، غاية الأمر ان مورد النزول من أوضح مصاديق الآية وأظهر أنواع مفادها ولا يجوز إخراج مورد النزول عن مفاد الآية الكريمة فعلى هذا يكون معنى قوله تعالى (لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) وجوب طاعته في ما يقضي ويحكم في مورد التحاكم ووجوب طاعته في ما يأمر وينهى من السنن الحكيمة الحميدة وما يتصرف بالقبض والبسط بمقام ولايته وخلافته التشريعية كل ذلك بالوجوب الموضوعي المولوي التشريعي على تفصيل قدمناه.
فلا يجوز أن يقال ان المراد بالإذن الإذن التكويني اي تخلية السبيل بين المكلفين وبين طاعة الرسول ولا يجوز ان يقال بانحصار دلالة وجوب الطاعة بمورد التنازع والتحاكم فقط ولا يجوز حملها على الطريق الإرشادي ولا حملها على الإطلاق الشامل للوجوب الموضوعي المولوي والوجوب الطريقي الإرشادي.
الآية الخامسة قال تعالى (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) آل عمران (١٣٣).
بيان قال في المجمع ج ٢ ص ٣. (أَطِيعُوا اللهَ) في ما أمركم (وَ) أطيعوا (الرَّسُولَ) في ما شرع لكم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لكي ترحمون فلا يعذبكم ومما يسأل على هذا أن يقال إذا كانت طاعة الرسول طاعة الله فما وجه التكرار. والجواب عنه شيئان أحدهما أن المقصد