فاذا كان مناط الصلاة اقوى في نظر الشارع المقدس من مناط الغصب سقطت حرمة الغصب عن الفعلية ، وتبقى في مرتبة الاقتضاء والانشائية ولم تصل إلى مرتبة الفعلية والاجراء لأن المكلّف لا يقدر على امتثال الأمر والنهي معا كما هو القانون في المتزاحمين في كل موضع. وإذا كان مناط الغصب اقوى في نظره من مناط الصلاة بحيث يكون مناطه متين ومناطها واحدا مثلا ، فيسقط وجوب الصلاة عن الفعلية ويبقى في مرتبة الانشاء ، فيحكم بحرمة الصلاة وبطلانها ، كما ان في الأول يحكم بوجوبها وبصحتها بشرط ان يكون مقدار الزيادة من مصلحة الصلاتية ومن مفسدة الغصبية بحدّ الالزام ، وإلا فلا.
توضيح : ان الاحتمالات على القول بالامتناع خمسة ، لأن مصلحة الصلاة :
اما تصل الى حدّ الالزام وبمقدار الزامي فيجب تداركها ، واما لا تصل الى حدّ الالزام فيستحبّ حينئذ تداركها مع كونها اقوى من مفسدة الغصب.
ولأن مفسدة الغصب اما تصل الى حدّ الالزام وبمقدار الزامي بحيث يجب اجتنابها فتحرم الصلاة في المكان المغصوب ، واما لا تصل الى حدّ الالزام مع كونها اقوى من مصلحة الصلاة ، فتكره الصلاة في المكان المذكور. أو يكونان متساويين بحيث لا ترجيح لمصلحة الصلاة على مفسدة الغصب ، ولا ترجيح لمفسدته على مصلحتها ، فتكون الصلاة مباحة فيه. فهذه خمسة أقسام كما يأتي تفصيله ان شاء الله تعالى في مبحث (التعادل والتراجيح).
والثاني : بيان الفرق بين التزاحم والتعارض : ان المناط موجود في كلا المتزاحمين ، غاية الأمر انه اما يكون اقوى في احدهما واضعف في الآخر ، واما يكون متساويا فيهما ، ولكن عجز المكلف عن اتيانهما معا يوجب التزاحم بينهما ، فالعقل يحرّكه ويبعثه إلى امتثال أمر المناط الاقوى منهما ، كانقاذ المؤمن العادل بالاضافة إلى انقاذ المؤمن الفاسق. كما ان العقل يحرّكه الى امتثال أمر احدهما على نحو التخيير العقلي إذا كان المناط فيهما متساويا كانقاذ احد المؤمنين العادلين ، أم