رجاء وبرجاء المحبوبية ، وكان الرجاء مطابقا للواقع ، مثلا إذا تخيل وجوب الدعاء عند رؤية هلال رمضان المبارك فاعتقد به وأتى به فهذا انقياد ، والحال انه كان اعتقاده مطابقا للواقع ، والتجري عبارة عن الاتيان بشيء برجاء المبغوضية ، مثلا إذا اعتقد ان هذا المائع خمر فشربه ، وكان هذا المائع خلّا في الواقع ، فملاك الانقياد هو حفظ الواقع ودركه ، ولهذا كان من ارقى واعلى مراتب العبودية كالاحتياط في موارده ، سواء اقتضى الفعل كما في دوران الأمر والحكم بين الوجوب والاستحباب ، أو الترك كما في دوران الأمر بين الحرمة والاباحة ، أو التكرار كما في موارد اشتباه وجوب القصر والاتمام.
فالعقل يحكم بحسن الانقياد والاحتياط ، كما انه يحكم بقبح التجري ، لأنه كاشف عن سوء سريرة المكلف وطغيانه ، فاذا كان المجمع محصلا للغرض ولامتثال الأمر في صورة الجهل القصوري والنسيان بالموضوع أو بالحكم ، أو نسيان احدهما او كليهما ، فيترتب عليه ثواب الطاعة لا الانقياد ، أي لا يترتب عليه ثواب الانقياد ، إذ لا يرى العقل فرقا بين هذا الفرد والمجمع وبقية الافراد في اشتمال كل واحد منهما على المصلحة والملاك ، وفي موافقة كل واحد للغرض ، بل للأمر مع الاتيان به بداعي القربة ، والحال ان النهي لم يصل الى مرتبة التنجز لأجل الجهل القصوري والنسيان العذري.
ومن هنا ظهر وجه حكم الأصحاب (رض) بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع ، أي بالغصبية ، أو الحكم ، أي بحرمة الغصب ، تكليفا. وببطلان الصلاة وضعا. مع ان جلّهم ، أي اكثرهم إن لم يكن كلّهم ، قائلون بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، والوجوب والحرمة ، في شيء واحد ذي عنوانين ، وبتقديم جانب الحرمة. ولهذا يحكم اكثرهم ببطلان الصلاة فيها في غير موارد العذر ، وهو علم المكلف بالموضوع.
فالمكلف اما أن يكون عالما بالموضوع ، أو جاهلا به. ففي الأول اما أن يكون