التقرّب والقربة يكون صحيحا وراجحا في موارد الجهل بالحرمة أو الغصب وفي موارد نسيان احدهما او كليهما.
فبالنتيجة : إذا علم المكلف وجوب الصلاة ، ولم يعلم بالغصب أو بحرمته وببطلان الصلاة في المكان المغصوب ، فأتى بها في المكان المغصوب كانت صحيحة موافقة للغرض لوجود الملاك والمصلحة في هذا الفرد من الصلاة حين تزاحم الجهات واقعا ، مع انه لم يتنجّز النهي في حق هذا المكلف لكونه جاهلا قصورا بالنهي وبالحرمة ، بل يكون الاتيان به موافقا للامر فضلا عن حصول الغرض ، لأنه يشمل اطلاق الأمر بالطبيعة المأمور بها هذا الفرد من الصلاة ، وينطبق عليه فلا يؤثر النهي الساقط عن مرتبة التنجّز في البعد عن المولى بعد الجهل والغفلة عنه بلا تقصير ولا تعمّد ، بل يكون الجهل بالنهي عن قصور.
ومن ان اتيان المجمع يكون موافقا للغرض لاشتماله على ملاك ومصلحة ، إذ لا يرى العقل فرقا بين هذا الفرد والمجمع وبين سائر الافراد من الصلاة ، ومن ان اتيان المجمع يكون موافقا للامر مع الجهل بالحرمة ، أو بالغصبية ، أو بهما معا ، لاشتمال الطبيعة المأمور بها باطلاقها هذا الفرد والمجمع ، والحال ان النهي ساقط عن التنجّز فلا يزاحم الأمر ، ومفسدة الحرمة لا تزاحم مصلحة الوجوب.
وبطبيعة الحال ، فاذا فعل المكلف المجمع ، أي أتى بالصلاة في المكان المغصوب بقصد القربة ، فيترتب على فعله ثواب الاطاعة ، لا الانقياد ومجرد اعتقاد الموافقة.
اعلم : ان اتيان متيقن المحبوبية والرجحانية ، كإتيان الفرائض والواجبات التي ثبت وجوبها بالضرورة من الدين ، واتيان مظنون المحبوبية ، يسميان بالطاعة. واتيان محتمل المحبوبية يسمى بالانقياد ، كما إنّ ترك متيقن المبغوضية ومظنون المبغوضية يسمى بالطاعة ايضا ، وترك الأولين وفعل الثانيين يسمّيان بالعصيان والمعصية ، فالطاعة تقابلها المعصية كما ان الانقياد يقابله التجري. فالانقياد هو الاتيان بشيء