الدليل على كراهة الصلاة في مواضع التهمة ، وانما الدليل قام على كراهة الكون فيها. والكون ليس متّحدا مع الصلاة حتى تكره الصلاة فيها بسبب الكون ، بل هو شيء يلازم الصلاة وجودا وخارجا ، وليس الكون نظير الغصب الذي يتّحد مع الصلاة في المجمع ليسري الحكم من الكون إلى الصلاة.
واما بيانه في الثالث : فلأن الصوم في السفر ليس مأمور به لا وجوبا ولا استحبابا ليلزم اجتماع الوجوب مع الكراهة أو الاستحباب مع الكراهة ، لأنه غير مشروع في غير موارد الاستثناء ، كما إذا نذر الصوم في السفر فاذن ليس بمكروه ليلزم اجتماع الوجوب مع الكراهة.
اما بيان الملازمة بين الملزوم وهو جملة (لو لم يجز الاجتماع) وبين اللازم وهو جملة (لما وقع نظيره) انه لو لم يكن تعدد الجهة مجديا في امكان اجتماع الأمر والنهي لما جاز اجتماع الحكمين ، أي اجتماع حكمين آخرين غير الوجوب وغير الحرمة ، في مورد تعدد الجهة لعدم اختصاص الوجوب والحرمة بعلة امتناع اجتماعهما ، وهي عبارة عن تضادهما ، لأن التضاد ثابت بين الأحكام بأسرها وتمامها ، والتالي باطل لوقوع اجتماع الكراهة مع الوجوب ، في مثل الصلاة في الحمام ، إذا كانت الصلاة مكتوبة. ولوقوع اجتماع الكراهة مع الاستحباب في مثل الصوم في السفر وفي مثل الصوم في يوم عاشوراء ويحتمل ان يكون الصوم في السفر مثالا لاجتماع الكراهة مع الوجوب إذا كان الصوم واجبا فيه كالصوم المنذور المعين في السفر ، أو كصوم بدل الهدي إذا عجز المكلف عنه ، فلا بد من ان يصوم عشرة ايام ثلاثة منها في مكة المكرمة وسبعة منها إذا رجع.
فصوم يوم عاشوراء مكروه مطلقا سواء كان في السفر أم كان في الحضر ، ويدل على كراهة صوم يوم عاشوراء ان بني امية التزموا صوم هذا اليوم شكرا من للانتصار وفرحا بغلبتهم ، فتركه فيه مخالفة لهم وهي مطلوبة للشارع المقدس ، ولأجل انطباق عنوان المخالفة على الترك يكون ذا مصلحة غالبة على فعل الصوم