فبالنتيجة : يكون كل واحد من الأحكام نوعا على حدة ، فتكون متضادة ، إذ تضاد الأنواع ضروري ، كتضاد انواع الحيوان مثلا.
اجاب المصنّف رحمهالله عن هذا الدليل أولا بالاجمال وثانيا بالتفصيل.
أما الجواب عنه اجمالا : فهو انه بعد اقامة البرهان العقلي والدليل القطعي على استحالة الاجتماع في شيء واحد ذي عنوانين ، لا بد من التصرف والتأويل في المواضع التي وقع فيها الاجتماع في الشريعة المقدسة على الظاهر ، لأن ظهور الأدلة التي اجتمع فيها الحكمان لا يقاوم البرهان العقلي على الامتناع ، فقد ظهر وجه الاجمال لأنه لم يبين كيفية التصرف والتأويل ، وبعد التأويل فقد سقطت الأدلة عن الدليلية على الاجتماع.
مضافا إلى هذا ظهور تلك الموارد ، هو اجتماع حكمين من الأحكام فيها بعنوان واحد ، إذ ظاهرها يكون على نحو (صلّ ولا تصلّ في الحمام) وعلى نحو (صم ولا تصم في السفر) على نحو (صم ولا تصم يوم عاشوراء) ، فالعنوان الذي تعلق به الأمر والنهي واحد وهو عبارة عن عنوان الصلاتية والصومية ، والحال انه لا يقول الخصم بجواز الاجتماع في الشيء الواحد بعنوان واحد ، بل يقول بالامتناع ما دام الاجتماع لم يكن بعنوانين وبوجهين ، فالخصم لا بد ان يتفصّى عن اشكال الاجتماع في الموارد المذكورة ، خصوصا إذا لم تكن هناك مندوحة ، وجه الخصوصية انه إذا لم تكون للمأمور به مندوحة ، كصوم يوم عاشوراء فيلزم الاجتماع قطعا ويقينا ، إذ الامر الاستحبابي متوجه إلى صوم كل يوم ، إذ صوم كل يوم مستحبّ استحبابا نفسيا إلا ما خرج بالدليل كصوم العيدين وصوم ايام التشريق لمن كان بمنى ناسكا او مطلقا على خلاف بين الأعلام.
فبقى يوم عاشوراء تحت العام ، فاذن اجتمع فيه الاستحباب مع الكراهة قطعا بعنوان واحد ، لأن النهي المقتضي للكراهة وقع عن نفس الصوم الموضوع للأمر لا بعنوان آخر ، وكذا نحو (صلّ ولا تصل في الحمام) و (نحو صم ولا تصم في السفر)