حقيقيا بل هو بالعرض والمجاز ، إذ ان الطلب في الحقيقة متعلق بذاك العنوان الراجح في نظر الشارع المقدس ، اعني به مخالفة بني امية عليهم اللعنة ، الملازم للترك ، فيكون اسناد الطلب إلى المخالفة حقيقيا نظير اسناد الانبات إلى الله تعالى ، واسناد الحركة إلى السفينة ، واسناد الجريان إلى الماء. واسناده إلى الترك يكون مجازيا وعرضيا مثل اسناد الانبات إلى الربيع ، واسناد الحركة إلى جالس السفينة ، واسناد الجري إلى النهر. فان قيل ان المجازي يستلزم القرينة الصارفة ويحتاج إلى العلاقة المصحّحة للتجوز فأي علاقة في المقام؟ وما القرينة هنا؟
قلنا ان العلاقة فيما نحن فيه هي علاقة الملازمة ، إذ لازم مخالفة بني أمية هو ترك الصوم في يوم عاشوراء ، والقرينة عقلية ، بدعوى ان العقل يحكم بان الطلب متعلق بالمخالفة حقيقة ، إذ هي أمر وجودي ، فاسناده إلى الترك مجاز عقلي ، لأن الطلب استعمل في معناه الحقيقي ، والترك في معناه الحقيقي. غاية الأمر ان اسناده اليه مجاز بحكم العقل ، كما ان اسناد الانبات إلى الربيع مجاز عقلي علاقته سببية أو مسببية ، لأن الربيع سبب الانبات والله تعالى هو المؤثر والجاعل للسببية ، وان اسناد الجري إلى النهر مجاز عقلي علاقته حالية أو محلية ، لأن النهر محل للماء. وان اسناد الحركة إلى الجالس مجاز عقلي ايضا علاقته الملازمة ، لأن حركة السفينة تستلزم حركة جالسها ، بخلاف صورة الانطباق لتعلق الطلب بالترك حقيقة مثل سائر المكروهات التي تعلق الطلب بتركها حقيقة نحو (لا تضحك كثيرا) ، أي اترك الضحك الكثير من غير فرق بين الصورة الاولى وبين بقية المكروهات في الشريعة المقدسة ، إلا ان منشأ النهي التنزيهي في بقية المكروهات حزازة ومنقصة في نفس فعلها ، ومنشأ النهي فيما نحن فيه رجحان الترك من دون حزازة في الفعل كما سبق ، غاية الأمر رجحان الترك على الفعل وكونه ارجح من الفعل.
فان قيل انه إذا كان الترك ارجح من الفعل كما في المقام فيشكل امكان التقرب بالفعل إلى المولى.