قلنا : ان رجحان الترك الناشئ من الاهتمام بمصلحته زائدا على مصلحة الفعل ليس كالرجحان الناشئ عن وجود مفسدة في الفعل ، فان الأول لا يمنع من صحة التقرب بالفعل لاشتماله على المصلحة الموافقة للغرض ، بخلاف الثاني فان المفسدة في الفعل تكون مانعة عن امكان التقرب بذاك الفعل. فارجحية الترك تارة تنشأ من المصلحة الزائدة على مصلحة الفعل ، واخرى تنشأ من المفسدة في الفعل.
فالأول لا يمنع من صحة التقرب بالفعل ، كصوم يوم عاشوراء ، والثاني يمنع من امكان التقرب بالفعل ، كالضحك الكثير لأنه مبغوض المولى وكل مبغوض للمولى لا يمكن التقرب به ، فهذا لا يمكن التقرب به ، والمراد في هذا المقام هو الأول لا الثاني.
فتحصل مما ذكر ان المصلحة الموجودة في صوم يوم عاشوراء ليست بانقص من المصلحة الموجودة في صوم بقية الأيام بما هو صوم ، غاية الأمر ان المصلحة الكائنة في تركه حقيقة كما في الصورة الأولى ، أو عرضا كما في الصورة الثانية ، ارجح من المصلحة الموجودة في الفعل ولهذا يكون تركه ارجح من فعله.
وفي ضوء هذا يكون الفعل والترك من قبيل المستحبين المتزاحمين ، ولا يكونان من قبيل اجتماع الكراهة مع الاستحباب كالقسم الأول كما ادّعاه الخصم.
الجواب الثاني
قوله : نعم يمكن ان يحمل النهي في كلا القسمين على الارشاد
لما فرع المصنّف من الجواب الأول ، شرع في الجواب الثاني عن استدلال الخصم وقال : انه كما يمكن ان يكون النهي بمعنى طلب الترك يمكن ان يكون ارشادا إلى ارجحية الترك على الفعل ، إما لانطباق العنوان الراجح على الترك أو لملازمته له وجودا خارجا واكثر ثوابا. فالأول اشارة إلى القسم الأول ، والثاني اشارة إلى القسم الثاني. وعلى كون النهي ارشاديا يكون النهي في القسم الثاني حقيقيا وعلى نحو الحقيقة لا بالعرض والمجاز ، إذ النهي الارشادي تعلّق بنفس الترك سواء