استحباب الشيء كونه افضل من غيره فيلزم اجتماع الاستحباب والوجوب فيها ، لأنا نلاحظ في كراهة الشيء تارة اقلية ثوابه فيلزم الاشكال الأول ، واخرى مرجوحية الشيء المكروه فيلزم الاشكال الثاني.
قلنا انه ليس المراد باقلية الثواب واكثرية الثواب مطلقتين بلا اضافتهما إلى الشيء ، بل بالاضافة إلى الطبيعة التي تتشخص بتشخص ، وتتخصص بخصوصية ، لا تحدث فيها مزية ولا منقصة تارة كالصلاة في المنزل مثلا ، واخرى تحدث فيها مزية وفضيلة كالصلاة في المسجد ، وثالثة تحدث فيها منقصة كالصلاة في الحمام.
فالأقلية والأكثرية من حيث الثواب انما لوحظتا بلحاظ نفس الطبيعة المأمور بها ، إذ لها مصلحة في حد نفسها مع قطع النظر عن تحققها في ضمن الافراد ، وهي قد تزيد إذا تحققت في ضمن الفرد الكامل ، وقد تنقص ان تحقّقت في ضمن الفرد الناقص ، وقد لا تزيد ولا تنقص بل تبقى على حالها وعلى ما هي عليه إذا تحققت في ضمن الفرد الذي لا يتصف بالكمال ولا بالنقصان ، كالصلاة في المنزل. فاذا قلنا ان الصلاة في المسجد جماعة تكون اكثر ثوابا ، أي تزيد مصلحة الطبيعة المأمور بها ، وليس المراد كونها اكثر ثوابا بالاضافة إلى الافراد الاخرى من تلك الطبيعة ، أي لا نقول ان الصلاة في المسجد الجامع اكثر ثوابا من الصلاة في مسجد السوق حتى تكون مكروهة.
وكذا إذا قلنا ان الصلاة في الحمام اقل ثوابا ، فهو انما يكون بالاضافة إلى نفس الطبيعة التي لا مزية لها ولا منقصة فيها ، كالصلاة في المنزل ، فالمعيار في اقلية الثواب واكثريته هو انما يكون الطبيعة المتشخّصة بتشخّص بحيث لا تحدث مزية ولا منقصة لها مع هذا التشخص كالصلاة في الدار مثلا ، فالصلاة في الحمام التي تتشخّص بالمصلحة الناقصة تكون اقل ثوابا بالاضافة إلى الصلاة التي لا تتشخّص بالمصلحة الناقصة المتنافرة. كما ان الصلاة في المسجد مثلا التي تتشخّص بالمصلحة الكاملة الشديدة الملاءمة اكثر ثوابا بالنسبة إلى الصلاة التي لا تتشخّص