اتحاد المقولات العشر واضح كما لا يخفى ، فظهر وجه المناقشة فيه ، هذا مضافا إلى ان الخياطة صفة قائمة بالثوب ، والكون قائم بالمكلف ، فكيف تكون متحدة معه إذ هو خارج عن محل النزاع لاختلاف متعلق الأمر والنهي في هذا المورد؟
المنع : يعني نمنع صدق الاطاعة والمعصية معا بل تصدق احداهما لا غير. أما الاطاعة فقط إذا كانت بمعنى امتثال أمر المولى في المورد الذي كان مناط الأمر اقوى واغلب من مناط النهي كما في الانقاذ والتصرّف في ملك الغير بغير إذنه كما سبق ، هذا في المتزاحمين ، أو العصيان فقط في المورد الذي غلب مناط النهي على مناط الأمر ، كما في الصلاة في الدار المغصوبة ، ولأجل هذا حكم ببطلانها إذا كان عالما بالحرمة ، لما عرفت سابقا من البرهان العقلي على امتناع الأمر والوجوب والنهي والحرمة في شيء واحد ، ولو كان ذا عنوانين ووجهين لتضادهما فالنظر السطحي العرفي ، وهو الذي يسمى بالنظرة الحمقاء ايضا ، لا يقاوم البرهان العقلي وهو واضح ، فلس فيه اجتماع الوجوب والحرمة والامر والنهي كما لا يخفى.
نعم : لا اشكال في صدق الاطاعة إذا كانت بمعنى حصول الغرض ، والعصيان في التوصليات ، وذلك لما عرفت سابقا من انّها يحصل الغرض منها ويسقط أمرها ولو بفعل الغير والمحرّم كغسل الثوب المتنجس بالماء المغصوب ، وكغسل زيد ثوب عمرو مثلا ، وكالسير إلى الحجّ بالدابة المغصوبة ، إذ لا يشترط فيها قصد القربة. فالخياطة توصّلية لا غير ، واما في العبادات فلا يحصل الغرض منها الداعي إلى الأمر إلا بصدور المأمور به في الخارج من المكلف على وجه غير محرم ، بل على وجه القربى لا علي وجه يكون مبغوضا عليه ، كما تقدم هذا في الأمر العاشر ، حيث قال المصنّف قدسسره هناك : ان الصلاة في الدار المغصوبة مع العلم بالغصبية ، أو مع العلم بحكمه باطلة ، لكونها والحال هذه لا تصلح للعبادية والمقرّبية ، فلا يصدقان معا في العباديات ، والحال ان محل البحث انما يكون فيها لا فيها.