واجب مقدمة ولو كان على وجه المحرم هذا إذا لم يكن الطريق المباح للتخلص عن الحرام الذي هو عبارة عن الكون في الدار المغصوبة فاذن لا ينحصر الترشح بالمقدّمة المباحة ، (المعترض من قال بكون الخروج مأمورا به بعد الدخول فهذا نظير ارتكاب اقل القبيحين إذا أكره المكلف على احدهما مثل شرب الخمر والقتل لمسلم بغير حق فالأول واجب لدفع الضرر والاكراه فكذا فيما نحن فيه لأن الأمر دائر بين البقاء والكون في الدار المغصوبة وبين الخروج عنها ، والحال انه لا ريب في كون الخروج اقل قبحا منهما فيكون واجبا ومأمورا به بحكم العقل ، والحال ان وجوب المقدمة على القول به عقلي).
قلنا : ان ترشح الوجوب من ذي المقدمة على المقدمة المحرّمة مشروط بشرطين :
الأول : ان يكون الواجب اهم من ترك المقدمة المحرّمة.
الثاني : ان لا يكون الواجب الأهم بسوء الاختيار.
ولكن المفروض هاهنا كون الواجب اهم ، ولمّا كان بسوء الاختيار ، ومع كونه بسوء الاختيار لا يتغير من الحرمة إلى الوجوب ولا ينقلب من المبغوضية إلى المحبوبية ، وإلا لكانت الحرمة معلقة على ارادة المكلف واختياره لترك الدخول ، هذا تالي الأول ، ولكان عدم حرمة الخروج باختيار المكلف للخروج بعد الدخول وكلاهما فاسد كما مرّ سابقا ، هذا مضافا إلى انه خلاف الفرض ، أي كون الخروج واجبا على خلاف الفرض ، لأن كونه بسوء الاختيار يقتضي كونه محرما ، ووجوبه يقتضي كونه بحسن الاختيار ، وهذا خلاف الفرض ، إذ الفرض أن الاضطرار إلى الخروج يكون بسوء الاختيار ، هذا الدليل الأول. فما الدليل الثاني ، للقائل بكون الخروج مأمورا به وواجبا؟
قوله : ان قلت ان التصرف في ارض الغير بدون إذنه بالدخول ...
هذا شروع في الدليل الثاني ، وخلاصته ان الدخول في ارض الغير بدون إذنه