والبقاء فيها حرام بلا اشكال ، واما التصرف فيها بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم عن مالكها ، ويتوقف على الخروج التخلص عن التصرف الحرام ، فهو ليس بحرام لا قبل الاضطرار ولا بعده ، بل حاله كحال شرب الخمر المتوقف على شربه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات والأزمان ، ومن كون الخروج واجبا في جميع الحالات ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرف في ارض الغير ، كالدخول والبقاء والخروج ، حراما قبل الدخول ، لأن المكلف يتمكن من ترك جميعها حتى يتمكن من ترك الخروج ، فالدخول والبقاء والخروج تكون منهيا عنها.
قال القائل بكون الخروج مأمورا به وواجبا ان هذا التوهم فاسد ، لأن المكلف لو لم يدخل في الدار المغصوبة لما كان متمكنا من الخروج ، ولما كان قادرا على ترك الخروج ، لأن المنع عن الخروج من التكليف ، والتكليف بجميع أنواعه مشروط بالقدرة ، وقبل الدخول لا قدرة على الخروج لكونه مسبوقا بالدخول حتى يصح المنع عنه ، فالمنع عنه حينئذ تكليف بغير المقدور وهو ممتنع بل محال عقلا ، فلا يكون منهيا عنه وحراما ، بل يكون مأمورا به وواجبا.
فان قيل : ان ترك الخروج مقدور بواسطة ترك الدخول ، والحال ان المقدور بالواسطة مقدور فكيف قلتم ان ترك الخروج غير مقدور؟ قلنا ان المقدور ليس إلا ترك الدخول فقط ، إذ نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة ، فاذا لم يقدر على الخروج قبل الدخول لم يقدر على تركه ايضا ، مثلا النار تحرق الجسم مع وجود شرط الاحراق وهو لصوق الجسم بالنار ومع فقد مانعة وهو عدم رطوبته ، فهي لا محالة تحرقه ، لاجتماع اجزاء علة الاحراق ، هي المقتضي والشرط وعدم المانع ، فلا يقال ان النار قادرة على الاحراق بحيث ان شاءت احرقت وان تشأ لم تحرق ، فكذا فيما نحن فيه ، لأن الشخص إذا لم يدخل الدار المغصوبة لا يقدر على الخروج لأن الخروج يتحقق إذا كان مسبوقا بالدخول ، ولا يقدر على ترك الخروج لأجل