والثاني : قال ان المكلف إذا لم يدخل ...
وهذا الاستدلال موافق لاستدلال الشيخ الانصاري رضى الله عنه على مدعاه على نقل بعض الأجلة في تقريراته.
لكنه لا يخفى عليك انه إذا توقف فعل الواجب أو ترك الحرام على فعل محرم ، بحيث دار أمر المكلف بين فعل ذلك المحرم الذي هو المقدمة ، وبين تفويت ما يتوقف على ذلك المحرم من فعل الواجب وترك الحرام اللذين هما ذو المقدمة كما في المقام ، لأن ترك البقاء المحرم يتوقف على الخروج المحرم ، كما إذا توقف الواجب على الفعل المحرم ، كتوقف الانقاذ على التصرف في ارض الغير ، فان كان هذا الدوران بغير اختيار المكلف صحّت دعوى انقلاب ذلك المحرم إلى كونه واجبا من جهة مقدميته لفعل الواجب أو الترك الحرام. واما إذا كان الدوران بسوء اختيار المكلف بحيث كان يمكن المكلف ان يفعل الواجب الذي هو ذو المقدمة بدون فعل الحرام الذي هو المقدمة ، أو كان يمكنه أن يترك الحرام بدون فعل المحرم الذي هو المقدمة ، ولكن المكلف باختياره أوقع نفسه في الدوران المذكور ، فلا ينقلب المحرم إلى الوجوب ، بل يبقى على تحريمه. بل انما يكون الخروج حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل ، أي واجب عقلا وشرعا بالفعل وان كان قبيحا ذاتا ، إذا اجتمع فيه شرطان :
الأول : أن لا يتمكن المكلف من التخلص من الحرام بدون الخروج المحرّم بأن لا يكون للدار المغصوبة طريق مباح للخروج.
الثاني : أن لا يكون الخروج المحرّم بسوء الاختيار ، فلو كان الخروج على النحو المباح ممكنا لكان محرما ايضا.
قوله : ولم يقع بسوء اختياره ، يعني ولم يضطر المكلف بسوء اختياره إلى الاقتحام في ترك ذي المقدمة أو الاقتحام في فعل الحرام الذي هو المقدمة ، ولا يخفى ان المراد من الواجب هو التخلص من الحرام ، والمراد من الحرام هو البقاء