بلا واسطة في صحة التكليف من البعث والزجر ، والأمر والنهي ، نظير الأمر بالأفعال التوليدية ، لأنه يصح الأمر والنهي عنها ، كما يصح بالأفعال المباشرية والنهي عنها ، فمن ترك الاقتحام فيما يؤدي إلى احد الأمرين من هلاك النفس وشرب الخمر ، بان لم يعرّض نفسه للهلاك الذي لا يندفع إلّا بشرب الخمر فيصدق عليه انه تارك للهلاك وتارك لشرب الخمر. لئلا يقع في اشد المحذورين من هلاك النفس ومن شرب الخمر وان كان صدق التركين المذكورين بترك المكلف ما لو فعل اياه من تعريض نفسه للهلاك لأدّى لا محالة إلى احدهما ، أي الهلاك او الشرب ، مثلا إذا ترك المكلف اكل الغذاء المضر الذي دواؤه شرب الخمر باعلام الطبيب الحاذق فيصدق حينئذ ان هذا الشخص ليس بهالك ولا شارب للخمر ، فهذه سالبة بانتفاء المحمول ، نظير الأفعال التوليدية التي تتولد من الأفعال المباشرية ، كاحراق الجسم الذي يتولد من القائه في النار ، ويكون عمد المكلف إلى اسبابها عمدا إلى نفسها ، كما يكون اختيار تركها بسبب عدم العمد إلى اسبابها.
فالاحراق مقدور بواسطة الالقاء ، كما ان تركه مقدور ايضا بواسطة تركه ، فيصح عقلا ان يكون الاحراق قبل الالقاء محرما ومنهيا عنه ، فكذا يحرم الخروج قبل الدخول ، ويحرم الشرب قبل الوقوع في الهلاك ، وهذا القدر من القدرة يكفي في استحقاق العقاب على الشرب للعلاج والتداوي ، وان كان هذا الشرب بعد الوقوع في التهلكة لازما من باب ارشاد العقل لأجل الفرار عن الهلاك والموت ، فالزام العقل بالشرب لا ينافي حرمته شرعا ، نظير ارتكاب اقل القبيحين واخفهما ، فتصدق القضية حين ترك الايقاع في الهلاك وترك الشرب سالبة بانتفاء المحمول ، ومن المعلوم ان المكلف إذا قدر على الشرب قبل الوقوع في التهلكة فهو قادر على تركه قبل الوقوع فيها ، إذ نسبة القدرة إلى وجود الشيء المقدور وإلى عدمه سواء ، ولو سلّمنا عدم صدقها على تقدير عدم الشرب لأجل عدم الوقوع في المهلكة إلا بنحو القضية السالبة بانتفاء الموضوع ، كما اعترف به المستدل.