ومبغوضيته لأجل الاضطرار اليه بسوء الاختيار ، ولكن العقل يحكم ـ ارشادا ـ إلى لزوم اتيانه وتحققه في الخارج ، كما سبق في طي الجواب عن استدلال الشيخ الانصاري رضى الله عنه.
هذا مضافا إلى انه يلزم على هذا القول اتصاف فعل واحد بالوجوب الغيري والحرمة الذاتية (وهو الخروج) لفرض صاحب الفصول كون الخروج مقدمة لواجب ، ولفرض كونه من مصاديق الغصب ، وبكلمة اخرى ان المفروض تعلق النهي بالخروج المستفاد من دليل حرمة التصرف في مال الغير ، وهي وان كانت ساقطة بعد الدخول وتعلق الوجوب به ايضا لكونه مقدمة لترك البقاء الواجب.
واما كونه بعنوان واحد فلأن الخروج هو التصرف الخروجي في ارض الغير بغير إذنه ، فهو بهذا العنوان حرام للنهي عنه. إذ مآل معنى «لا تغصب ارض الغير» إلى «لا تتصرف بها» وهو يشمل باطلاقه التصرف الخروجي والتصرف الدخولي والتصرف البقائي ، وهو بهذا العنوان واجب لتوقف ترك البقاء عليه.
فان قيل : ان العنوان متعدد ، لأن الخروج بعنوان كونه تصرفا في ملك الغير حرام ، وبعنوان كونه مقدمة لترك البقاء واجب ، فلا مانع من الاجتماع حينئذ كما سبق في اول الباب.
قلنا : ان مقدمية المقدمة جهة تعليلية لا جهة تقييدية ، فالوجوب المقدمي عارض على ذات المقدمة من حيث هي هي لا من حيث كونها مقدمة حتى يتعدد العنوان. فالجهات التعليلية وسائط ثبوتية لترتب الأحكام على موضوعاتها ، وخارجة عن حقيقة الموضوعات ، ولكن ترتفع غائلة اجتماع الوجوب والحرمة فيه بعنوان واحد بسبب اختلاف زمان التحريم قبل الدخول في ارض الغير وزمان الايجاب بعده فلا تنافي بينهما.
اجاب بهذا صاحب الفصول قدسسره لأنه التفت إلى ورود هذا الاشكال عليه.
أما المصنّف فقال : فانه لا يرتفع الاشكال باختلاف زمان التحريم والايجاب