لا يبعث المكلف إلى اتيانه ، ولا يسقط حينئذ لزوم اتيانه عقلا ، من جهة خروج المكلف عن عهدة التكليف الذي تنجّز عليه قبل الاضطرار من حرمة الغصب أو وجوب حفظ النفس ، فحرمته باقية على حالها بحكم العقل ، لأنّ المكلف لو لم يأت بالمقدمة المحرمة وبالخروج المحرم لوقع في المحذور الأشد ، وهو البقاء ، ولما خرج عن عهدة التكليف المنجز.
فبالنتيجة : الساقط هو الوجوب المولوي الشرعي ، بالاضافة إلى ذي المقدمة وهو التخلص ورفع الظلم ، اما الوجوب العقلي الارشادي بالاضافة اليه فهو باق على حاله لبقاء ملاكه بعد الاضطرار (بسوء الاختيار) إلى اتيان المقدمة المحرمة وهي الخروج. والزام العقل بفعل التخلص بعد الاضطرار المذكور كاف في وجوه في استحقاق العقاب على تركه ، فلا حاجة حينئذ إلى البعث الشرعي المولوي إلى التخلص. وكذا الكلام في الشرب ووجوب حفظ النفس.
قوله : فتدبر جيدا حتى ظهر لك عدم المنافاة بين حرمة المقدمة وبين وجوب ذيها عقلا ، وانما المنافاة بينها وبين وجوب ذيها شرعا ... وقد ظهر مما حققناه فساد القول بكونه مأمورا به ...
لما فرغ المصنّف قدسسره عن جواب الشيخ الانصاري قدسسره القائل بكون الخروج مأمورا به بلا اجراء حكم المعصية عليه ، أي بلا استحقاق العقاب على الخروج شرعا ، في ردّ قول صاحب الفصول القائل بكون الخروج مأمورا به وواجبا مع اجراء حكم المعصية والعصيان عليه ، وقال انه يدل على كون الخروج مأمورا به كونه مقدمة للواجب الأهم وهو التخلص عن الغصب ، والمولى لم يرفع اليد عن وجوبه ولم نرفع ايدينا عن الملازمة عقلا بين وجوب ذي المقدمة ، وبين وجوب المقدمة ، وقال ايضا انه يدلّ على اجراء حكم العصيان عليه النهي عنه قبل الاضطرار بسوء الاختيار.
ولكن قال المصنّف : فقد ظهر مما سبق من ان الخروج باق على حرمته