الفرق بين التعارض والتزاحم
واما بيان الفرق بين باب التعارض وباب التزاحم فيقال : ان الملاك في التزاحم موجود في كلا المتزاحمين ، ولكن المكلف لا يقدر في مقام الامتثال على الجمع بينهما ، ولهذا يأخذ الاهم ملاكا ، ان كان موجودا ، وإلا فيتخير. ففي التزاحم يحرز الملاك في الحكمين اللذين يدل عليما الدليلان كالدليل الذي دلّ على وجوب انقاذ النبي من الغرق ، والدليل الذي يدل على وجوب انقاذ المؤمن منه. وان الملاك في التعارض غير محرز في الحكمين اللذين يدل عليهما الدليلان ، بل يمكن ان يكون احدهما ذا ملاك دون الآخر ، ويمكن ان لا يكون كلاهما ذا ملاك.
وملخص الفرق بينهما انه ليس في باب التزاحم تناف بين الدليلين من حيث المدلول اصلا ، بخلاف باب التعارض ، إذ التنافي بين الدليلين من حيث المدلول ثابت فيه قطعا ، ففي التعارض تكاذب الدليلين فاذا تكاذبا لم يحرز المناط في الحكمين اللذين يدل عليهما الدليلان المتعارضان ، فيرجع فيهما إلى قانون الجمع مهما امكن ، وهو ان الدليلين إذا تكفلا ببيان الحكم الفعلي يؤخذ بالارجح منهما دلالة أو سندا.
وإذا تكفل احدهما ببيان الحكم الفعلي والآخر ببيان الحكم الاقتضائي أخذ بالأول ، فلا منافاة بين الحكم الفعلي والاقتضائي.
وإذا تكفل كلاهما ببيان الحكم الاقتضائي فيرجع في حكم المجمع إلى الاصول العملية من صحتها او بطلانها متفرعين على غلبة مصلحة الامر على مفسدة النهي ، او غلبة مفسدة النهي على مصلحة الأمر.
تقريب الاشكال
قوله : ثم لا يخفى ان ترجيح احد الدليلين وتخصيص الآخر به ...