من حيث الدلالة إذ دلالة كليهما بالاطلاق ومقدمات الحكمة.
الاشكال الوارد على الاشكال
قوله : وقد أورد عليه بانه لو كان العموم المستفاد من النهي ...
فاعترض : على الاشكال الذي تقرر في الوجه الذي ذكر في ترجيح النهي على الأمر بأنه لو كانت دلالة النهي على العموم بمقدمات الحكمة لكان استعمال مثل (لا تغصب) و (لا تقتل) مثلا في بعض افراد الغصب والقتل حقيقة ، إذ ببركة مقدمات الحكمة ينعقد الاطلاق لمتعلقه ، لأن متعلق النهي هو (غصب) وهو لا يكون جمعا محلى باللام ولا مفردا معرفا بها حتى يفيد العموم.
ومن الواضح ان استعمال المطلق في بعض افراده يكون حقيقة ، مثل استعمال الرقبة في زيد وعمرو ، لكن التالي باطل لأن استعمال الغصب في بعض افراده ومصاديقه كغصب زيد دار عمرو مجاز من باب استعمال لفظ وضع للمطلق واستعمل في المقيد بعلاقة الاطلاق والتقييد.
وعلى طبيعة الحال : تكون دلالته بالاطلاق وبمقدمات الحكمة ، ولا تكون بالعموم ، فيكون كالأمر ، فلا ترجيح له عليه.
ولا يخفى ان صيغة النهي تدل على طلب ترك الطبيعة المنهي عنها ، وهو يتحقق بانتفاء جميع افرادها ومصاديقها ، لأن الطبيعي يتحقق بتحقق فرد في الخارج ، وهي تدل عليه مطابقة وتدل على العموم ، أي على انتفاء عموم الافراد التزاما. كما ان صيغة الأمر تدل على طلب ايجاد الطبيعة المأمور بها مطابقة ، وعلى ايجاد الفرد منها التزاما ، واستعمال (لا تغصب) في بعض افراد الغصب لا يجوز حقيقة لوجهين :
احدهما : لمنافاته ظاهر النهي وصيغته ، لأن الظاهر منهما هو الاطلاق ، أي حرمة الغصب على نحو الاطلاق ، لا خصوص بعض افراده ومصاديقه.
وثانيهما : لمنافاته مقدمات الحكمة على فرض تماميتها.