فبالنتيجة : تكون دلالة النهي على العموم الاستغراقي التزاما من جهة ان وقوع الطبيعة من الطبائع في حيز النفي أو النهي يفيد العموم ويقتضي عقلا سريان الحكم والحرمة إلى جميع افراد الطبيعة ، أنه لا يصدق عدم الانتهاء عن الافراد إلا بسبب الانتفاء عن جميعها ، كما ترى هذا في مثل (لا تضرب رجلا) و (لا تضرب رجلا) فالأول مثال النهي ، والثاني مثال النفي ، فانقدح دلالة النهي على العموم الاستغراقي.
أما الأمر فتكون دلالته على الاطلاق وعلى العموم البدلي ، وإذا دار الأمر بين العموم الاستغراقي وبين العموم البدلي فالترجيح للأول كما سيأتي ان شاء الله تعالى.
فتكون الصلاة باطلة في المجمع ، لترجيح النهي على الأمر.
جواب المصنّف قدسسره
قلت دلالة النفي والنهي على العموم والاستيعاب ليس بقابل للانكار ، لكنه من الواضح ان العموم المستفاد منهما على نحو الاستيعاب لا على نحو العموم البدلي انما يكون بحسب الشيء الذي يراد من متعلق النفي والنهي ومن مدخولهما ، إذ قد تراد تارة من المتعلق والمدخول الطبيعة المطلقة نحو (لا تغصب) واخرى تراد منه الطبيعة المقيدة نحو (لا تغصب مال زيد) أو (لا تغصب في يوم الجمعة) مثلا فيختلف المتعلق سعة وضيقا ، كما رأيت في المثال.
فعلم ان النهي لا يدل على استيعاب جميع الأفراد إلا إذا اريد من المتعلق الطبيعة حال كونها مطلقة وبلا قيد كالمثال الأول ، فلا يدل النهي على الاستيعاب إلا بسبب اطلاق المتعلق ، ولا يثبت اطلاقه إلا بمقدمات الحكمة ، لأن النهي لو خلّي وطبعه لما دلّ على الاستيعاب بخصوصه ، بل على طلب الترك ، أي ترك المنهي ، ويحتمل أن يكون على نحو الاستيعاب ، وان يكون على نحو التقييد.
ولهذا : اذا لم يكن الاطلاق واردا في مقام البيان ، أو كانت القرينة على التقييد