فان قيل : إذا لم يكن التشريع محققا إذا توضأ منهما احتياطا ورجاء ، بل هو أمر مستحسن فلم أمر الشارع المقدس باهراقهما ويتيمم إذا لم يقدر على ماء غيرهما ، كما في موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام (١).
قلنا : أمره بالاهراق والتيمم إما أن يكون تعبدا فلا نعلم حكمته ، وإما للابتلاء بنجاسة الأعضاء ظاهرا بحكم الاستصحاب إذا توضأ بماء الاناء الأول ثم طهّر اعضاء وضوئه بماء الاناء الثاني ثم توضأ به فالمتوضئ يعلم بنجاسة الأعضاء حال ملاقاتها للاناء الثاني بقصد التطهير قبل تحقق شرائط التطهير من تعدد الغسل وانفصال الغسالة.
ووجه العلم بنجاستها في تلك الحالة : انه ان كان الاناء الأول نجسا فالاعضاء نجسة بملاقاة الأول ، فاذا علم بنجاسة الأعضاء في اول أزمنة ملاقاتها للاناء الثاني وجب استصحاب النجاسة للشك في ارتفاعها ، إذ الغرض عدم تحقق شرائط التطهير من التعدد والانفصال في اول ازمنة ملاقاة الثاني ، فيلزم من الوضوء بكل منهما على النحو المذكور نجاسة الأعضاء ظاهرا المانعة من صحة الصلاة ، فيكون ذلك هو الوجه في الأمر باهراقهما والتيمم.
وعلى طبيعة الحال فابتلاء المتوضئ بنجاسة الاعضاء ظاهرا بحكم الاستصحاب حال ملاقاة الاعضاء للثاني ، فانه بمجرد ملاقاتها له ، ولو لأجل التطهير ، أي تطهير مواضع الملاقاة بالأول قبل ان تنفصل الغسالة ، أو قبل ان يتعدد الغسل ، فيما يحتاج إلى التعدد ، فهو يقطع بنجاستها إما بسبب ملاقاتها للأول وإما بسبب ملاقاتها للثاني.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١ ، الباب الثامن من ابواب الماء المطلق ، الحديث الرابع عشر ، قال سئل عن رجل معه اناءان فيهما ماء وقع في احدهما قذر لا يدري ايهما هو ، وحضرت الصلاة وليس يقدر على ماء غيرهما قال يهريقهما جميعا ويتيمم.