دوران الأمر بين الحرمة والوجوب.
بيان : ذلك اما في مورد ايام الاستظهار فلأن حرمة الصلاة فيها مستندة إلى قاعدة الامكان ، وهي كل دم تراه المرأة بعد البلوغ وقبل اليأس ، وفصل أقل الطهر فهو يمكن ان يكون حيضا ، وإلى استصحاب بقاء الحيض فيثبت بهما كون الدم حيضا فيحكم بجميع احكامه.
ومنها : حرمة الصلاة عليها ، وليست مستندة إلى تغليب جانب الحرمة على جانب الوجوب كما لا يخفى.
واعلم قد اختلف الفقهاء (رض) في كون حرمة الصلاة على الحائض ذاتية كحرمة المحرمات نحو الرشوة والربا وامثالهما ، أو تشريعية ، قال بعضهم بأنها ذاتية ، قال معظمهم بأنها تشريعية.
فلو اخترنا الأول لدار أمرها حال ايام الاستظهار بين الحرمة والوجوب ، وإذا اخترنا الثاني فلا يدور أمرها حالها بينهما ، لأن موضوع الحرمة التشريعية هو التشريع لا ذات الفعل ولا ذات الصلاة ، فهو لا يحصل بمجرد فعل الصلاة ، بل انما يحصل التشريع من الاتيان بها بعنوان كونها عبادة ومأمورا بها ، وحينئذ يكون الاتيان مخالفة قطعية بلا موافقة ـ ولو احتمالية ـ اصلا ، وإذا أتى بها برجاء الواقع في أيام الاستظهار كان احتياطا بلا مخالفة ـ ولو احتمالية ـ إذ حسنه عقليّ ، وكيف كان فلا دوران بين موافقة الوجوب أو التحريم ، ولا تقديم لأحدهما على الآخر. إذ لا حرمة ذاتية في البين غلب جانبها على جانبه كما هو محل الكلام والبحث.
واما المورد الثاني : فلعدم كون حرمة الوضوء من الماء النجس ذاتيا حتى يكون عدم جوازه من الماءين المشتبهين من ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب ، بل حرمته منهما ليس إلا تشريعا حيث انه باطل لانتفاء شرطه وهو طهارة الماء ، فقصد التعبد به يكون تشريعا ، ولا تشريع إذا توضأ منهما احتياطا وبرجاء ، أي برجاء ان يدرك التوضؤ بالماء الطاهر.