محذور اجتماع الأمر والنهي في المجمع أم لا ينفع فيه؟
قال المانعون بالثاني والمجوزون بالاول.
فانقدح ان ملاك الامتياز بين المسائل يكون من اجل اختلاف جهة البحث فيها : هل هذه المسألة لفظية أو عقلية؟
قوله الثاني : انه لا يخفى ان عدّ هذه المسألة من مباحث الالفاظ ...
قال المصنّف قدسسره المسألة السابقة عقلية. وهذه المسألة لفظية لاقتضاء جعل عنوان المسألة في لسان بعض الاصوليين دلالة النهي على فساد المنهي عنه كونها لفظية ، إذ من المعلوم ان الدلالة من احوال اللفظ. ففي الاقوال في المسألة قول بدلالة النهي على الفساد في المعاملات مع انكار هذا البعض الملازمة بين الفساد وبين الحرمة التي هي مفاد النهي في المعاملات ، ولهذا نسب المصنف الاقتضاء الى النهي بحمله على الدلالة بقرينة نسبته الى النهي ، أي هل يدل النهي على الفساد أو لا؟ اما لو حمل الاقتضاء على ظاهره وحمل النهي على التحريم فليست من مباحث الالفاظ ، لان مدار البحث حينئذ على الملازمة بين الحرمة والفساد وعدمها بينهما.
ومن الواضح انها من احكام العقل كما ان عدمها من احكامه ايضا ولا صلة له بباب الالفاظ. ومن هنا لا يختص النزاع بما إذا كانت الحرمة مدلولة لدليل لفظي ، بداهة انه لا يفرق ـ في حكم العقل ـ الملازمة أو عدمها بين كون الحرمة مستفادة من اللفظ أو من غير اللفظ من إجماع أو عقل أو ضرورة الدين أو المذهب.
توضيح القول بالدلالة : وهو لو كان البحث في المقام عن خصوص الملازمة التي لا مساس لها باللفظ ، لا عن الدلالة التي هي من احوال اللفظ ، لكان اللازم عدّ القول المذكور من القول بالنفي لا من القول بالاثبات. والحال ان الاصوليين قد عدّوا هذا من المثبتين لا من النافين ، فهذا يدل على ان مدار البحث في الدلالة اللفظية لا في الملازمة العقلية ، فاعترض ان القائل بالملازمة بين الحرمة والفساد في العبادات يقول بها مطلقا ، أي سواء كانت الحرمة مدلولا عليها بالصيغة