جملتها كلمة الصحة. وتوقف معرفة صحة العبادة على معرفة نفس العبادة لتوقف معرفة المقيّد على معرفة قيده ، كتوقف معرفة رجل هاشمي على معرفة الهاشمي.
فيلزم توقف معرفة العبادة على نفس العبادة. وهذا محال. إذ هو مستلزم لتقدم الشيء على نفسه وتأخره عن نفسه ، لان الشيء إذا كان موقوفا عليه يتقدم ، وإذا كان موقوفا يتأخر.
مثلا لو توقف (أ) على (ج) وتوقف (ج) على (أ) للزم الدور المحال. والدور هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه ذلك الشيء. لأن (أ) لو توقف على (ج) لتوقف عليه وعلى جميع أجزائه ومن جملتها نفس (أ) ، إذ التوقف من الطرفين. فيلزم توقف الشيء على نفسه فيصير الشيء موقوفا عليه وموقوفا.
ويلزم على الاول عدم الطرد لشموله لجميع الواجبات التوصلية ، إذ الأمر بالشيء ليس الغرض منه إلّا التحريك والبعث الى متعلق الأمر ، كما مرّ في بحث الأوامر ، والتحريك عين التعبد بالمتعلق خارجا ، وسقوط الأمر في التوصليات ولو لم يكن بداعي الأمر لا ينافي ذلك التحريك والتعبد به ، فالاشكالات تظهر للمتتبع إذا راجع المطولات في هذا الفن.
وكذا التعريفات تظهر بمراجعتها ؛ اما قول المصنّف رضى الله عنه : (فالاشكالات في غير محلّها) أي لم ترد في التعاريف ، لانها ليست بحدّ تام ولا ناقص ، ولا برسم تام ولا ناقص ، كي يلحظ فيها الطرد والعكس بل هي من قبيل شرح الاسم ، ومن قبيل التعاريف اللفظية ، فلا يعتبر فيها الطرد والعكس كما لا يعتبر فيها الاطلاع على كنه المعرف ، ولا الامتياز عن جميع ما سواه ، كما مرّ هذا غير مرّة.
فلا وجه حينئذ لإطالة الكلام بالنقض والاشكال والابرام والجواب في تعريف العبادة ، ولا في تعريف غيرها من تعريف المعاملات والعقود والايقاعات كما هو عادة العلماء قدسسرهم ، أي اطالة الكلام من عاداتهم في التعاريف بالنقض ، والاشكال والابرام والجواب ، كما لا يخفى.