فان قيل : نتمسك باستصحاب عدم دلالته على الفساد إذ النهي قبل الورود من المولى لا يدل عليه ، وبعد الورود نشك في دلالته على الفساد ونستصحب عدم الدلالة عليه.
قلنا : ان المعيار حين حدوث النهي لا قبله. ولا يعلم حاله حين الحدوث أهو يدل على الفساد أم لا؟ فليست لعدم الدلالة حالة سابقة متيقنة كي يستصحب في مقام الشك حين وصوله بايدينا.
فان قيل : نتمسك بعدم وضع لفظ للفساد لان الوضع أمر حادث فاذا شككنا في الوضع له وعدم الوضع ، فالاصل عدم الوضع له.
قلنا : هذا الاصل معارض بعدم وضعه للصحة ولا مرجح في البين فيتساقطان هذا ، مضافا إلى ان اصالة عدم الدلالة على الفساد لو جرت في المقام لما صلحت لاثبات الصحة ، إذ الصحة ليست من اللوازم الشرعية لعدم الدلالة بل ليست من الآثار العقلية له. فهذا الاستصحاب عقيم ، إذ لا أثر شرعا له كي يترتب عليه. فلو ترتبت الصحة عليه لكان اصلا مثبتا. والاشهر عدم حجيّته ، فلا اصل في المسألة الاصولية ، فلا بد حينئذ من اعمال الاصل في المسألة الفرعية ، وهذا الاصل يقتضي في المعاملات الفساد ، لأصالة عدم ترتب الأثر مع الشك في ترتبه وعدم ترتبه. إلّا ان يكون عموم أو اطلاق يقتضي ترتب الأثر على المعاملة ، فيكون هو المرجع لا الاصل. لان كل واحد منهما حاكم على الاصل من باب حكومة الامارات على الاصول ، بل هي واردة عليها ، كما حقّق في محلة.
ولا يخفى ان المراد من اصالة الفساد في المعاملات هو استصحاب عدم ترتب الأثر على المعاملة ، إذ قبل تحقق المعاملة ليس نقل ولا انتقال بموجودين ، وبعد تحققها نشكّ في حصول هذا الأثر ، والنقل والانتقال ، فنستصحب عدم حصوله. ولذا اشتهر في الالسن ان الاصل في المعاملات هو الفساد ، كما أنّ اصالة الفساد في المعاملات مشهور عند الكل ، فالعبادات مثل المعاملات في كون الاصل