في جواب المصنف عن الاشكال
وقد اجاب المصنف عن الاشكال المذكور بوجوه ثلاثة :
الاول : لا ضير في اتصاف العبادة الشأنية بالحرمة الذاتية بدون قصد القربة ، فلا منافاة بين عبادية الشيء شأنا وبين منع أخذ قصد القربة فيه. لان المراد بالعبادة ما يقع عبادة ، لو كان مأمورا به لكان أمره أمرا عباديا ، ولا يسقط أمره الّا بقصد القربة ، فهو كالاوامر في الواجبات العبادية. نحو (لا تصم يومي العيدين) بناء على حرمته ذاتا ، فالمراد من العبادة في العنوان هو العبادة الشأنية لا العبادة الفعلية. فصوم العيدين عبادة شأنية بحيث لو افترضنا ورود الأمر من قبل الشارع المقدس لكان أمره أمرا عباديا كأمر الصوم سائر الأيام ، فهي قابلة للاتصاف بالحرمة الذاتية بدون قصد القربة ، كما تقدم في الأمر الرابع ، فسقط قول المستشكل.
والثاني : ان عبادية بعض الافعال ذاتية لا تحتاج الى الامر المولوي الشرعي ، كالسجود والتقديس والتحميد لله تعالى ، فلا تنفك العبادية عنها ، كما لا تنفك الزوجية عن الأربعة ، والفردية عن الثلاثة مثلا. لان الله تعالى أهل للامور المذكورة ، اذ هو مستجمع لجميع الصفات الكمالية.
فهذه الامور عبادية فعلا ، اي بلا قصد القربة مع كونها محرمة ذاتا ، كما لو نهى الجنب والحائض عن السجود له تبارك وتعالى لما تغيرت عباديته ولكان محرما ذاتا ، ولهذا نهى عن السجود للشمس والقمر والصنم ، فحرمة السجود لا تضر بعباديته بل تضر بمقربيته ، فاذن تجتمع العبادة بلا قصد القربة مع الحرمة الذاتية حين الجنابة والحيض لكون السجود ذا مفسدة ومبغوضا للمولى في حالهما كسائر المحرمات الشرعية.
والثالث : لا ضير في اتصاف الشيء بالحرمة الذاتية مع اتصافه بالحرمة التشريعية ، لو قصد القربة بعنوان التشريع المحرّم ، فان الحرمة التشريعية تتعلق بفعل