الامتثال ، واذا لم يتمشّ منه قصدها فلا تكون موافقة للأمر ولا الشريعة ولا مسقطة للإعادة والقضاء ، لان كل هذه الأمور والعناوين يتوقف على قصد القربة ، ولكن المانع عنه موجود وهو حرمتها ذاتا ومبغوضيتها للمولى جل ذكره.
واما اذا تعلق النهي بجزئها أو شرطها او وصفها ففساد الكل والمشروط والموصوف موقوف بالاكتفاء بالجزء المنهي عنه أو بالشرط المنهي عنه أو بالوصف المنهي عنه ، فاذا أتى بالجز غير المنهي عنه أو بالشرط غير المحرم أو بالوصف الآخر غير المحرم فالعبادة صحيحة كاملة ، كما سبق ، وفي طبيعة الحال لا يمكن قصد القربة من الملتفت الى حرمة العبادة الواحدة.
لا يقال ان دلالة النهي عن الفساد منوطة بدلالته على الحرمة الذاتية ، وهي موقوفة على اتصاف العبادة بالحرمة الذاتية ، ولا يعقل تحريم العبادة ذاتا ، فان المكلف اذا لم يقصد القربة فلا عبادة ، لان الفعل بدون قصد القربة ليس بعبادة ، فلا يكون هذا الفعل موضوعا للنهي ، اذ فرض موضوعه عبادة. أما الغافل بل مطلق المعذور فلا مانع من صحة عبادته. نعم تتوقف على وجود جهة مصحّحة للتقرب. وهي رجحانها ذاتا. ولا يخفى ان المراد من مطلق كون المكلف جاهلا بحرمة القراءة ، اي قراءة العزائم في الصلاة ، أو مكرها عليها مثلا ، بشرط أن يكون الجاهل معذورا في جهله ، فلا عبادة حتى يقال أنها محرمة ذاتا وتفسد ، واذا قصدها فهو غير مقدور له شرعا ، اذ لا أمر في البين كي يقصد امتثاله الّا تشريعا ، اي اذا قصدها بعنوان التشريع المحرم. فالفعل يتصف بالحرمة التشريعية حينئذ دون الحرمة الذاتية ، لامتناع اجتماع المثلين في شيء واحد ، كامتناع اجتماع الضدين فيه ، اذ يلزم كون الشيء الواحد شيئين وهو محال ، فالنهي لا يدل على الحرمة الذاتية ، فلا يدل على الفساد. هذا بيان الاشكال.