قوله : كما انه لا يلزم في حمل المطلق على المقيد ...
قد يتوهم ان التقييد بالوصف لو لم يقتض المفهوم لم يكن وجه للجمع بين المطلق والمقيد لعدم التنافي بينهما ، إذ ليس التنافي الّا من جهة الدلالة على المفهوم ومن جهة انتفاء الحكم عن غير مورد القيد ، إذ ينافي ثبوت الحكم لغير مورد القيد بمقتضى دلالة المطلق ، مثلا إذا قال المولى لعبده (اكرم عالما) و (اكرم عالما هاشميا) فالمطلق يدل على الاكتفاء في مقام الامتثال باكرام عالم غير هاشمي. والمقيد يدل على اكرام عالم هاشمي فقط في مقام الامتثال ، فيتنافيان في وجوب اكرام عالم غير هاشمي. وليس التنافي بينهما فيه الا من جهة دلالة المقيد بالوصف على المفهوم ، فيرفع التنافي بحمل المطلق على المقيد ويجمع بينهما جمعا عرفيا ، بان المراد من المطلق هو المقيد. فاثبت الشيخ البهائي قدسسره مفهوما للوصف من جهة هذا الحمل المذكور وهذا اجماعي.
فاجاب المصنف قدسسره عنه : بان حمل المطلق على المقيد ليس من جهة مفهوم الوصف ، بل يكون من جهة تضييق دائرة موضوع الحكم كسائر القيود الاحترازية ، فاذا تضييق موضوع الحكم بالوصف فموضوع المطلق هو المقيد ، واما غير المقيد فهو مسكوت عنه ، كما ان موضوع وجوب الاكرام مخصوص بالمقيد وهو عالم هاشمي ووجوب اكرام غيره مسكوت عنه ، كما هو مسكوت عنه إذا أمر المولى أوّلا باكرام عالم هاشمي. ومن الواضح ان سكوت الدليل عن حكم غير موضوعه ليس دخيلا في المفهوم ، إذ هو يدل على انتفاء شخص الحكم عن غير موضوعه بسبب انتفاء الموضوع رأسا ، او بسبب انتفاء قيده. والمفهوم هو انتفاء سنخ الحكم عن غير الموضوع ، فانتفاء شخص الحكم بانتفاء موضوعه عقلي لا ربط له بالمفهوم ، كما سبق هذا في مفهوم الشرط.
وفي ضوء هذا التضييق يكون دليل المقيد مبينا للمراد من الموضوع في الدليل المطلق ، هذا مضافا إلى ان التنافي بين المطلق والمقيد لقرينة خارجية دالة