على وحدة الحكم ، فان الحكم الواحد ثبوته للمطلق ينافي ثبوته للمقيد ، ولو لم تكن هذه القرينة من اجماع أو دليل خاص فلا تنافي ولا جمع بينهما ، اذ دليل المقيد ساكت عن غير موضوعه كما ان دليل وجوب اكرام زيد في نحو (اكرم زيدا) ساكت عن عدم وجوب اكرام عمرو مثلا ، كما هو الحال في المستحبات ، كما يأتي ان شاء الله تعالى.
ولذا قال المصنف قدسسره : لا يلزم في حمل المطلق على المقيد فيما وجد شرائط للحمل ، منها وحدة الحكم فيهما ، ومنها وحدة الموجب والسبب ، ومنها كونهما مثبتين. وستأتي في بحث المطلق والمقيد ، ان شاء الله تعالى.
بل ربما قيل لا وجه للحمل لو كان بلحاظ المفهوم ، إذ ظهور المقيد في المفهوم ليس باقوى من ظهور المطلق في الاطلاق ، فهو اقوى منه ، لان دلالته عليه بالمنطوق ودلالة المقيد بالمفهوم ، ومن المعلوم ان الدلالة المنطوقية اقوى واظهر من الدلالة المفهومية. فحينئذ لا بد ان يعمل بالمطلق ويحمل المقيد على الاستحباب ، ويقدم المطلق على المفهوم من باب تقديم الاظهر على الظاهر ، وهو المسمى بالجمع العرفي. فوجه حمل المطلق على المقيد ثابت بقرينة خارجية ، كما إذا قام الاجماع أو دليل آخر على ان للشارع المقدس في هذا المورد تكليفا واحدا ، فهما يوجبان التنافي بينهما في غير محل القيد فاذا تحقق فيحمل عليه لكون المقيد اخص من المطلق والاخص اظهر من الاعم لكون دلالته على مصاديقه مطابقة ودلالة المطلق على مصاديق المقيد تضمنا ، ولا ريب في كون الاولى اظهر من الثانية. فلو لم يكن الاجماع أو غيره على وحدة التكليف والمكلف به لما كان التنافي بينهما ، إذ لا منافاة بين وجوب اكرام مطلق العالم وبين وجوب اكرام العالم الهاشمي ، كما لا منافاة بين وجوب عتق مطلق الرقبة وبين وجوب عتق الرقبة المؤمنة ، كما لا يخفى